مقال جاكلين سلام في "الجزيرة نت" عن كتاب ( السر) The secret
كتاب (السر) الذي جذب اهتمام الملايين
لم تكتف الكاتبة الأسترالية روندا بيرن التي اعتبرت واحدة من أهم مائة شخصية صاحبة نفوذ في العالم بإصدارها كتاب "السر" الذي حقق نجاحًا منقطع النظير، بل واصلت الحفر في بئر الأسرار الكبرى التي كانت ولا تزال مثار اهتمام الفلاسفة والعلماء وكتب الدين وعلماء النفس.
وجاء كتابها الجديد بعنوان "الطاقة" الصادر عام 2010، مكملاً لما بدأته في إصدارها الأول عام 2006 في صيغة فيلم وثائقي معلوماتي وكتاب يحمل الاسم نفسه: السرّ.
ووصلت مبيعات "السر" إلى 19 مليون نسخة في العالم، وترجم إلى 46 لغة عالمية، كما بيعت ملايين النسخ من الكتاب الأول والثاني في صيغة فيلم وتسجيل صوتي. فأي سر بين يدي الكاتبة الأسترالية لتحقق هذا الاستقطاب المدهش.
وروندا بيرن الأسترالية من مواليد مارس 1951 كانت تعمل في الكتابة والإخراج التلفزيوني في بلدها، إلا أن حياتها اتخذت منحى جديدا "دراماتيكيا" بعد أن أنجزت كتاب "السر" وأطلقته.
خبرات وتجارب
تقول بيرن في مقدمة كتاب الطاقة "سيبقى يوم 9 سبتمبر/أيلول 2004 يوما لا ينسى، فقد أعطتني ابنتي كتابا عمره مائة عام لـ"والاك واتلس" عنوانه "السرّ في أن تصبح غنيا"، وبعد قراءته اكتشفت أن السر معطى للبشرية منذ أقدم العصور، ولكن القلة القليلة هي التي اختبرته، منذ تلك اللحظة اتخذت حياتي ونظرتي للعالم وجهة مختلفة تماما".
وتضيف أن كتاب الطاقة جاء نتيجة للخبرات والتجارب التي وصلتني ممن قرؤوا الكتاب واتخذوا من أفكاره مادة لتغيير حياتهم، فكتاب السر "يميط اللثام عن أهم قوة تحيط بنا وتتحكم في مصائرها، وهي قانون الجذب الذي يمثل القوة الفاعلة في تسيير علاقاتنا الشخصية المادية والصحية".
وتقول بيرن في مقدمة كتاب الطاقة "أن تحقق أحلامك وكل ما تحب، أن تفعل وأن تحصل على ما تريد، في متناول يدك دائما وأقرب إليك مما تعتقد، لأن طاقة الحصول على أي شيء ترغب فيه موجودة في داخلك، وفي هذا الكتاب سأدلك على الطريق إلى الحياة التي تريدها، ستكتشف الطاقة في داخلك وستجد أن الحياة أسهل بكثير مما تتصور، لقد خلقت كي تعيش حياة مدهشة".
الكتاب في طبعته الإنجليزية يتألف من 240 صفحة من القطع المتوسط، وهو مرفق بالرسوم، ولا تخلو صفحة من صفحاته من أقوال مأخوذة عن علماء ومفكرين وفلاسفة، بالإضافة إلى مقتطفات من آيات من القرآن أو الإنجيل، ومن قصائد شعراء وحكماء قدماء ومعاصرين.
ويتناول في فصوله المتعددة ولغته الأنيقة البسيطة الآسرة الأبواب التالية: ما هي الطاقة، ما هي طاقة الشعور، مستلزمات الشعور، الطاقة والإبداع، الحسّ هو الخلق، الحياة تنقاد لك، مفاتيح الطاقة، الطاقة والثروة، الطاقة والعلاقات، الطاقة والصحة، الطاقة وأنت، والطاقة والحياة.
سر المشاعر
وتتناول الكاتبة أهمية المشاعر التي تنتاب الإنسان حول نفسه وحول العالم، وهذه المشاعر هي التي تستقطب الإيجابي والسلبي في كل خطوة وفكرة تعبر بأذهاننا، وهذه الطاقة محكومة "بقانون الجذب".
وترى بيرن أن المشاعر هي خلاصة كل حياتنا وعليها ترتكز مجريات حياتنا، وما نستقبله من نجاحات وإخفاقات يعود في المحصلة إلى الطريقة التي نتواصل بها مع العالم، و"ما نشعر به هو انعكاس لما نرسله" حسب بيرن.
وتولي الكاتبة اهتماما كبيرا لعمل المخيلة الإيجابية ومقدرتها على استقطاب الخير والحب والنجاح بل وحتى الثروة. أما مفاتيح استقطاب المال والنجاح والفرح فتتم وفق آلية بسيطة مفادها أن يتخيل الإنسان ما يرغب فيه، ثم يدرب نفسه على الشعور بامتلاك ذاك الشيء من خلال إرسال مشاعر الحب والامتنان والعرفان، إلى أن يتحقق ذلك الحلم على أرض الواقع.
وتضرب الكاتبة أمثلة عن حيازة بعضهم فرصة العمل المثالية، أو حيازة آخرين ثروة لم تكن في الحسبان، وذلك فقط حين بدؤوا ممارسة قانون الجذب والتفكير الإيجابي.
ولا تفوت بيرن فرصة للاستدلال على هذا عبر بعض الأقوال المقتطفة من نظريات الفيزياء الحديثة والكم، والأفكار المقتبسة من كبار علماء الفيزياء والفلسفة، بالإضافة إلى الشعراء الصوفيين والجدد.
قد تبدو هذه الأفكار أقرب إلى المعجزة، لكنها تمتلك في الآن ذاته أبعادًا دينية وروحانية شاملة، ومما يجعلها أقرب إلى القبول التجارب العيانية المروية من قبل أفراد عاديين وبعضهم شخصيات معروفة عالميا وإعلاميا، مثل أوبرا وينفري مقدمة البرنامج الأميركي الشهير التي تحتفي بفكرة الكتاب.
كما نجد في الجانب الآخر شخصيات تعارض هذا التوجه الروحاني الفكري الجديد وترفضه جملة وتفصيلاً بعد أن أصبح الكتاب مثار جدل طويل في الغرب لسنوات.
الطاقة الكامنة
وتخلص الكاتبة في الأسطر الأخيرة من رحلتها مع عالم أسرار الحب والنجاح والفرح إلى القول "أنت أتيت إلى هذا العالم ومعك الحب، وهو الشيء الوحيد الذي ستأخذه معك.. في داخلك تكمن أعظم قوة في الكون، وبموجبها ستصبح حياتك مدهشة، الطاقة كامنة في داخلك".
الكتاب يطرح على الفرد تحديات روحانية متنوعة، لكن في هذه الفترة التاريخية العصيبة في حياة الشعوب وبخاصة في الشرق الأوسط، كيف يمكن للفرد أن يكون مفتاح التغيير على مستوى فردي وعام؟
هل يمكن للإنسان أن يغمض عينيه ويتخيل بقوة ورغبة حارة أن جميع الدكتاتوريات التي على هذه الأرض ستزول، وسيحل الحب والسلام والفرح على هذه المعمورة التي أتى إليها الإنسان عاريا من كل شيء سوى الحب؟ ولكن مهلاً فثمة مخيلات شريرة ترجح كفتها عددا ومقدرات مادية.
إن المخيلة رحم الخلق، ولكن هناك من يحلم بالقنبلة الذرية، وهناك من يحلم بسرقة آبار النفط، وحقول القمح والقطن، وهناك من يحلم برغيف خبز وكسرة كرامة وحرية.
تعليقات