من نصوص :محبرة الجيم
نافذة الجيم
جاكلين سلام
(سوريا/كندا)
) ج (
كم الساعة الآن؟
صباح الوردة- بتوقيتنا الذي يرهقك
العاشرةُ مساء- صباح النور على القامشلي
نداءُ الوردة مرتبكٌ في حضرة صبي وصبية يقفان أمام باب المدرسة
احترقت مقاعدها مدرستي. الغضب يُحرِقُ كما الصمت
جهة الزمن، قلب امرأة ترى الصمت ليس من ذهب
مضى فصل الإنتظارات
النهار ليس ورداً وحبراً
مساء تورنتو- صباح القامشلي
ظُهرُ الكلمة الآن- شمسٌ
هل يتغير التوقيت أم جهة دوران القلب!
نهار آخر بلا حكمة ولا بوصلة، أعددنا له جدول أعمال سلفاً
ماذا يمكن للنهار أن يفعل إن لم يجدنا بكل هذه الأقنعة وهذا الضجر؟!
لنا الله، حين نعبر شوارع البلاد، بحيراتها السبعة
نافورة على مشارف القلب تعزف الماء
الأمكنة جرة مترعة ماء وعتمة، والشوق يرشح
صباحكم، صباح الدروب ما بين ورقة وقلب.
) ج (
ما المسافة بين الشّعر والحبّ؟
هل تنتظرنا الكلمات عندما نخرج، نحن الذين عقدنا معها وعداً سرياً. الكلمات، هل تضجر من غيابنا؟
الكلمات النائمة في المحبرة لم نأخذها معنا إلى السهرة لتداولها في جلسة بين أصدقاء-غرباء
الكلمات تغفو في حضن المحبرة، تكتسب جنسيتها وميزاتها امتداد لروح صاحبة الرسالة.
الكلمات لا جنس لها. نعمدها بماء الروح المقدس، فنجعل منها امرأة. نجعل منها رجلاً. نجعل منها حباً. ونجعل منها محيطاً من قبح. تصنع الكلمات منّا قصيدة، منديلاً، وتراً، طلاسم ونداءات مشفّرة.
هل يجتمعان، الشّعر والحبّ؟
يجتمعان في بوابة الذاكرة المفتوحة على يقظة الأوراق، في الكلام المسربل بين ثنايا الفم الصامت والقلب الصامت
وهل يحكي القلب أم يسكر في رفقة الكلمات الجزيلة الدامعة، المستفزة؟
الرجل يبحث عن الكلمات. المرأة تبحث عن الكلمات. يا لها الكلمات! تتنزه في ملكوتها سيدة على عرش وحدتها. الكلمات لا تعرف الرجل، لا تعرف المرأة. عبر الكلمات ومعها نعرف كم فينا من الذكورة ومن الأنوثة
عالم يهمّ بالرحيل متأبطا شموعه، مخلفاً وراءه الكلمات
وأنتم، هناك في حلقات ترسمون خارطة الضوء. وأنا أكسر بيضة الصمت
تتساقط الكلمات في الأرض. تترعرع في خطواتنا
أنتظرُ طفولة العالم لأكتب أنخابكم. لأجمع ما سكبه العابرون من حبر ومضوا.
ما زلت هنا. أنّصتُ لدمدمة الارض، لحديقة البريد الالكتروني، أصيخ السمع ولا أصل إلى قلبك.
) ج(
اكتبْ صباح الخير، إذا أمكن. وسأكتبُ: نصبحُ على خير
اكتبْ من فضلكَ كل صباح، انثر الضوء
أنقر جرسَ الكلمات/شكراً لأنكَ ما زلت تحيا
أشذّبُ موجة صوتي الغائرة في قعر العالم، قلبك
الحمامةُ مفردةٌ، وأحيانا مرفقة بأجنحة وقابلة للطيران
الحمامة غائبة، تحاذي الموت قبل أن يصبح العالم على نور
أنت ترسم بألوانك الصعود، ترصّع أيقونةَ وجهها كي تغفو
الحمامة تقف على قدم واحدة، تغمر رأسها في ريش صدرها. تقف على قدم واجفة تحرس الشرفة،
ألتقطُ صوراً فوتوغرافية لنومها الوشيك
هل اكتملتْ صورتنا في الكلمة الآن؟
ينكسر صمت آخر
النص يستعيد نبضه كلما تفتّح حبره أبواباً، نوافذ وعلامات ترقيم. لا بد أن أعود بأبجدية متعددة المقاسات والثرثرة والغبطة.
) ج(
للورقة البيضاء أصوات. أفصل صوتي الشخصي عن خشخشة الأوراق، فأجد أننا نختلط نتفق ولا نتفق. الكلمة تصبح ورقة والورقة تعيش رحلتها ورحيلها. هذا يصب في هواجس البعض لمعرفة المسافة ما بين “الشخصية” والخلق.
العالم يشتبك بي. لدي صوت مخزون سأستخدمه في الشارع. سأرافقكم ونحلم بالألوان في مدينة أبعد من الورقة والمحبرة والشبكة الافتراضية. سأخذ معي مظلة من كلماتكم. دائما على وشك أن تمطر فوق الإسمنت ومعاطفنا السميكة، وأجسادنا المتشققة.
هنا صوت له ورقة فيروزية تغني “بتذكرك كلما الدني تغيّم ...وجك بيذكّر بالخريف"
ما بين الصمت والكلام- أتمايل. قال الشاعر الكندي الأسود أن الصمتَ، عنفٌ
وغنت الفتاة السمراء عن امرأة سوداء ماتت من الصمت. كم صمتاً علي أن أقتل في محبرة الجنون والفوضى!
أنت تقول: أتمنى أن أنبش رأسك حين أقرأ النص، وماذا بعد النص؟!
أسأل الغيب عما وراء الكلام، فأجد أنكم حاضرون وأنا الغائبة.
صمتك، رغماً عنه يلوذ للإقامة في حبري وكأنه الخريف في غير أوانه.
بين أوراقي فراغات. سأكتب جوعي ووجهك كمنقوشة الزعتر والجبن، يا رسول مدينة لا يسكنها السلام.
)ج(
أهداني صديقي روزنامة كي أقيم في زمن واحد، على محور واحد
كلما أردت أن أعيد عالمي إلى نصابه ترتبك الأيام
تتقلّب محبرة الجيم ما بين النقصان والفوضى، ولا يقتلني العطش.
نص من فصل محبرة الجيم، مجموعة المحبرة أنثى الصادر عن دار النهضة العربية في بيروت، أواخر عام 2009
جاكلين سلام: شاعرة سورية –كندية
جاكلين سلام
(سوريا/كندا)
) ج (
كم الساعة الآن؟
صباح الوردة- بتوقيتنا الذي يرهقك
العاشرةُ مساء- صباح النور على القامشلي
نداءُ الوردة مرتبكٌ في حضرة صبي وصبية يقفان أمام باب المدرسة
احترقت مقاعدها مدرستي. الغضب يُحرِقُ كما الصمت
جهة الزمن، قلب امرأة ترى الصمت ليس من ذهب
مضى فصل الإنتظارات
النهار ليس ورداً وحبراً
مساء تورنتو- صباح القامشلي
ظُهرُ الكلمة الآن- شمسٌ
هل يتغير التوقيت أم جهة دوران القلب!
نهار آخر بلا حكمة ولا بوصلة، أعددنا له جدول أعمال سلفاً
ماذا يمكن للنهار أن يفعل إن لم يجدنا بكل هذه الأقنعة وهذا الضجر؟!
لنا الله، حين نعبر شوارع البلاد، بحيراتها السبعة
نافورة على مشارف القلب تعزف الماء
الأمكنة جرة مترعة ماء وعتمة، والشوق يرشح
صباحكم، صباح الدروب ما بين ورقة وقلب.
) ج (
ما المسافة بين الشّعر والحبّ؟
هل تنتظرنا الكلمات عندما نخرج، نحن الذين عقدنا معها وعداً سرياً. الكلمات، هل تضجر من غيابنا؟
الكلمات النائمة في المحبرة لم نأخذها معنا إلى السهرة لتداولها في جلسة بين أصدقاء-غرباء
الكلمات تغفو في حضن المحبرة، تكتسب جنسيتها وميزاتها امتداد لروح صاحبة الرسالة.
الكلمات لا جنس لها. نعمدها بماء الروح المقدس، فنجعل منها امرأة. نجعل منها رجلاً. نجعل منها حباً. ونجعل منها محيطاً من قبح. تصنع الكلمات منّا قصيدة، منديلاً، وتراً، طلاسم ونداءات مشفّرة.
هل يجتمعان، الشّعر والحبّ؟
يجتمعان في بوابة الذاكرة المفتوحة على يقظة الأوراق، في الكلام المسربل بين ثنايا الفم الصامت والقلب الصامت
وهل يحكي القلب أم يسكر في رفقة الكلمات الجزيلة الدامعة، المستفزة؟
الرجل يبحث عن الكلمات. المرأة تبحث عن الكلمات. يا لها الكلمات! تتنزه في ملكوتها سيدة على عرش وحدتها. الكلمات لا تعرف الرجل، لا تعرف المرأة. عبر الكلمات ومعها نعرف كم فينا من الذكورة ومن الأنوثة
عالم يهمّ بالرحيل متأبطا شموعه، مخلفاً وراءه الكلمات
وأنتم، هناك في حلقات ترسمون خارطة الضوء. وأنا أكسر بيضة الصمت
تتساقط الكلمات في الأرض. تترعرع في خطواتنا
أنتظرُ طفولة العالم لأكتب أنخابكم. لأجمع ما سكبه العابرون من حبر ومضوا.
ما زلت هنا. أنّصتُ لدمدمة الارض، لحديقة البريد الالكتروني، أصيخ السمع ولا أصل إلى قلبك.
) ج(
اكتبْ صباح الخير، إذا أمكن. وسأكتبُ: نصبحُ على خير
اكتبْ من فضلكَ كل صباح، انثر الضوء
أنقر جرسَ الكلمات/شكراً لأنكَ ما زلت تحيا
أشذّبُ موجة صوتي الغائرة في قعر العالم، قلبك
الحمامةُ مفردةٌ، وأحيانا مرفقة بأجنحة وقابلة للطيران
الحمامة غائبة، تحاذي الموت قبل أن يصبح العالم على نور
أنت ترسم بألوانك الصعود، ترصّع أيقونةَ وجهها كي تغفو
الحمامة تقف على قدم واحدة، تغمر رأسها في ريش صدرها. تقف على قدم واجفة تحرس الشرفة،
ألتقطُ صوراً فوتوغرافية لنومها الوشيك
هل اكتملتْ صورتنا في الكلمة الآن؟
ينكسر صمت آخر
النص يستعيد نبضه كلما تفتّح حبره أبواباً، نوافذ وعلامات ترقيم. لا بد أن أعود بأبجدية متعددة المقاسات والثرثرة والغبطة.
) ج(
للورقة البيضاء أصوات. أفصل صوتي الشخصي عن خشخشة الأوراق، فأجد أننا نختلط نتفق ولا نتفق. الكلمة تصبح ورقة والورقة تعيش رحلتها ورحيلها. هذا يصب في هواجس البعض لمعرفة المسافة ما بين “الشخصية” والخلق.
العالم يشتبك بي. لدي صوت مخزون سأستخدمه في الشارع. سأرافقكم ونحلم بالألوان في مدينة أبعد من الورقة والمحبرة والشبكة الافتراضية. سأخذ معي مظلة من كلماتكم. دائما على وشك أن تمطر فوق الإسمنت ومعاطفنا السميكة، وأجسادنا المتشققة.
هنا صوت له ورقة فيروزية تغني “بتذكرك كلما الدني تغيّم ...وجك بيذكّر بالخريف"
ما بين الصمت والكلام- أتمايل. قال الشاعر الكندي الأسود أن الصمتَ، عنفٌ
وغنت الفتاة السمراء عن امرأة سوداء ماتت من الصمت. كم صمتاً علي أن أقتل في محبرة الجنون والفوضى!
أنت تقول: أتمنى أن أنبش رأسك حين أقرأ النص، وماذا بعد النص؟!
أسأل الغيب عما وراء الكلام، فأجد أنكم حاضرون وأنا الغائبة.
صمتك، رغماً عنه يلوذ للإقامة في حبري وكأنه الخريف في غير أوانه.
بين أوراقي فراغات. سأكتب جوعي ووجهك كمنقوشة الزعتر والجبن، يا رسول مدينة لا يسكنها السلام.
)ج(
أهداني صديقي روزنامة كي أقيم في زمن واحد، على محور واحد
كلما أردت أن أعيد عالمي إلى نصابه ترتبك الأيام
تتقلّب محبرة الجيم ما بين النقصان والفوضى، ولا يقتلني العطش.
نص من فصل محبرة الجيم، مجموعة المحبرة أنثى الصادر عن دار النهضة العربية في بيروت، أواخر عام 2009
جاكلين سلام: شاعرة سورية –كندية
تعليقات