العمل في الترجمة الفورية ومسألة نقل المصطلحات والشتائم
الترجمة الفورية ونقل المصطلحات والشتائم بأمانة
جاكلين سلام-كندا
إحدى أكبر الخسائر التي تواجه الفرد المهاجر إلى الغرب هي اللغة وكيفية التواصل مع المحيط. إحدى أكبر التحديات التي تواجه المجتمع الذي يستقبل المهاجرين بأعداد كبيرة، إيجاد وسيط بديل لحل أو لتذليل عقبة الاقتلاع من اللغة الأولى. ومن هنا نشأت الحاجة إلى الترجمة الفورية كقطاع عمل خدماتي له قوانينه. المهاجر الجديد يحتاج للتواصل مع دائرة الهجرة، قطاع الخدمات الاجتماعية، الصحة العامة، التعليم، المحاكم والقانون، ومن ثم العمل وتكوين الشبكة الإجتماعية الجديدة والإنخراط في بنيان المجتمع الجديد. كندا وبحكم اعتمادها على المهاجرين من كل دول العالم، مثلها مثل امريكا وبعض الدول الاوربية قامت بخطوات متقدمة في إطار تذليل هذه العقبات بأن افتتحت مدارس خاصة بالكبار لتعليم اللغة الانكليزية بإشراف أساتذة مختصين في هذا الحقل. ولكن مسألة تعلم اللغة الجديدة لا تتم في "خمسة أيام" ولا تتم في خمسة أشهر ايضاً. ورغم حرص الحكومة في كندا على تقديم هذه الخدمة مجاناً لجميع القادمين إلى كندا، إلا أن الأمور لا تبدو يسيرة وسريعة المنال. أحياناً يكون المهاجر مضطراً للعمل مباشرة لتوفير دخل مادي له ولأسرته، ولأهله في البلاد التي قدم منها. وهذا يعيق إتقانه للغة الجديدة في فترة زمنية قصيرة. أما التحدي الآخر فيصب في خانة المرأة ومسألة قمعها والحد من حرياتها، أبسط حقوقها، وهي التعليم. بعض العائلات "المتخلفة" تمنتع حتى الآن عن إرسال النساء-الأمهات إلى المدارس وتريد للمرأة أن تبقى محافظة على دورها الأزلي كربة بيت، طباخة، وأم، ووسيلة إنجاب. ولذلك نجد في أعلب الحالات لغة الرجل متقدمة على لغة المرأة. ولهذه الأسباب وغيرها كانت هيئات الترجمة الفورية المدعومة من قبل دائرة الهجرة والحكومة الكندية حلاً ناجعاً لتسهيل التواصل بين الجميع من خلال المترجم(ة) الذي يتم تحضيره للقيام بهذه المهمة، ومن خلال دورات تدريبية وامتحانات خاصة تؤهل المترجم ليكون وسيطاً بين عالمين ولغتين ويساعد على خلق عالم لا تكون اللغة فيه عقبة.
العمل في الترجمة في الفورية له تحدياته التي ليست بقليلة. على المترجم(ة) أن يكون ملمّاً بأصول وقواعد العمل المهنية، ويكون قادراً على استيعاب الاختلاف الثقافي بين مجتمعين، إلى جانب إلمامه الجيد باللغة الأم واللغة المضيفة. عليه إلى جوار ذلك أن يكون قادراً على ترجمة لغة الجسد أيضاً، كما عليه أن يحافظ على مستوى اللغة المحكية. عليه نقل اللغة بمفردات الشخص الذي يقوم بالترجمة له، يجب نقل الشتيمة والمصطلحات أيضاً بدون تحسينات، بأمانة وحيادية، بدون تحريف، بدون زيادة أو نقصان، مع الحفاظ على السرية التامة في كل الحالات. كل كلمة لها أهمية سواء اثناء المثول في المحاكم والبوليس، قضايا العنف المنزلي والاعتداء الموجه ضد المرأة أو الأطفال. وكذلك حالات المرض، الإنجاب، مراجعات الطبيب وغيرها من الاستشارات. على المترجم أن يلمّ بحد معقول من المصطلحات القانونية والطبية. إذا قالت المرأة "لقد ضربني زوجي "بوكساً" على الجانب الأيسر، وبوكساً على أنفي أسال الدم منه، وخرمش رقبتي بأظافره...بتاريخ كذا، الساعة كذا" على المترجم أن ينقل التفاصيل، عدد الضربات، توقيتها، مكانها ونتائجها، مع كل الألفاظ النابية المصاحبة. على المترجم أن يكون ملمّاً بالشتائم التي يستخدمها كل قطر عربي، ما أوسع قاموس الشتائم العربي وما أغربها. أحيانا يستحيل أن تجد لها بديلاً معقولاً في اللغة المضيفة.
من خلال عملي لسنوات في حقل الترجمة الفورية، تعلمتُ مصطلحات قانونية، طبية، اجتماعية، وكان لي أن أتعرف على مصطلح الشتائم بكل مستوياته. ويصدف أن تتحرج وتخجل المرأة المعتدى عليها من ذكر تلك الكلمات، وتصبح المسألة أشد وطأة، إذا كان المترجم رجلاً. بعضهن يمتنعن عن التصريح في هذه الحالة، تحت وطأة الحشمة والتقاليد.
هناك عدة طرق للترجمة الفورية، منها ما يتم وجهاً لوجه، حيث يحضر المتحدث بالعربية والجهة المسؤولة المتحدثة بالانكليزية، وعلى المترجم هنا أن ينقل للطرف العربي ما يقوله الآخر بالانكليزية وبالعكس. وهناك أيضا ترجمات تتم عبر الهاتف ( كونفرانس) يجمع 3 أطراف أو أكثر، وعلى المترجم أن يكون يقظاً وينقل للأطراف كلها، الجملة مترجمة بأمانة وبلا تحريف. وهنا على كل الاطراف أن تلتزم بجمل قصيرة كي يتمكن المترجم من إداء عمله. طريقة أخرى للترجمة، تكون بترجمة فورية لوثيقة شخصية، تقرير طبي، أو موضوع مكتوب. يقوم المترجم بقراءته مباشرة للجانب الاخر وباللغة الأخرى. وفي بعض الحالات يقوم المترجم بحضور اجتماع عام، ويترجم مباشرة لشخص واحد أو أكثر ما يقوله مدير الجلسة أو المحاضر. على المترجم أن ينقل مضمون الرسالة، إن تعذر عليه هنا أن ينقل كل كلمة حرفياً، وخاصة أن المتحدث يتكلم بلا توقف. إلى جانب هذه الترجمات الشفهية، هناك حقل الترجمة المكتوبة، ترجمة وثائق شخصية، ومعلومات عامة تخص الهجرة والقانون ومراكز استقرار وإيواء المشردين والمهاجرين، تقديم الكفالات....الخ.
يواجه المترجم الفوري تحديات أخرى وخاصة حين يعمل في قطاع الصحة العامة أو العيادات الخاصة. حضرت مؤخراً مؤتمراً يتعلق بعمل المترجم والمخاوف التي تعتريه حين يطلب للترجمة في هيئات معالجة فيروس"اش أي في" والإيدز، ومرضى السل. من خلال المحاضرة استمع المترجمون إلى شهادات وتجارب أشخاص مصابين بالأيدز، طريقة العلاج، وكيفية الوقاية، والحالات التي ينتقل فيها الفيروس من شخص إلى آخر. الإحاطة بالمرض وكيفية انتقاله، تخفف على المترجم قلقه الداخلي وتخوفه من العمل في هذا القطاع، حين الضرورة. في هذا المؤتمر تحدثت امرأة سوداء من "راوندا"عن ماساتها مع الايدز، والمرض الذي تحمله منذ عدة سنوات. تكلمت بصراحة وألم عن الاغتصاب الذي تعرضت إليه من قبل عدة جنود، إثناء المجزرة البشعة التي حصلت في راوندا في الثمانينات. كما تحدث شاب من كولومبيا عن عمله وسط المثليين الجنسيين، صدمته الكبيرة حين وجد نفسه حاملاً لفيروس الأيذر، ذلك من خلال صديقه الذي يحمل المرض ويعاشره دون أن يخبره الحقيقة. كما تحدث شاب كندي عن حمله لفيروس"اش أي في" والعلاج الذي يأخذه من سنوات. في بعض هذه الحالات يستحيل على المرضى الحصول على المساعدة والعلاج إن لم تتوفر لهم خدمة الترجمة الفورية. وسبق لي أن ترجمت لمريض عربي قادم من افريقيا. بالتأكيد كنت قلقة متوجسة، حين دخلت المركز المخصص لمرضى الأيدز، كان ذلك قبل حضور هذ المؤتمر الذي أشرف على تحضيره هيئة الترجمة في أونتاريو”MCIS”. من خلال هذه الدورات يتم تزويد المترجم(ة) بالكفاءة المطلوبة واستيعاب أهمية الدور الذي يقوم به. هذه الهيئات المختصة بتقديم خدمات الترجمة الفورية لاكثر من 95 لغة، تواظب على تنظيم"ورشات عمل" للمترجمين بين فينة وأخرى، لتزويدهم بما يستجد من معلومات وتذكرهم بأهمية دورهم في حياة الفرد والمجتمع.
المترجم(ة) حين يسمع تفاصيل قضايا الاعتداء الجنسي، العنف المنزلي، ضرب الأطفال وغيرها، يخرج من عمله محملاً بشحنة من الغم والقلق النفسي، ولأن تفاصيل العمل سرية لا يستطيع المترجم أن يبوح بشيء مما سمع للآخرين، فعليه(ها) أن يجد وسيلة لتفريغ هذه الشحنة السلبية من ذهنه. قد يكون السير في حديقة أو بجوار بحيرة طريقة للراحة، ولكن الصيف قصير في كندا. قد يكون التسوق والذهاب إلى "المول" وشراء ما يلزم وما لايلزم، وسيلة خلبية لتفريغ الرأس من محتوياته، ولكن هنا يجب الحذر لأن المردود المادي لقاء الترجمة ليس عظيماً. قد تكون أفضل طريقة لتفريغ الرأس من هموم الآخرين ومشاكلهم، الذهاب إلى مركز رياضي للقفز والركض واليوغا، وقد تكون الملاكمة الافتراضية "كيك بوكس" ناجعة. آخر الاقتراحات، العودة الى البيت، إشعال الشموع المعطّرة، سماع الموسيقى الهادئة وقراءة الشعر. يستطيع المترجم أن يختار شعرا باللغة الأم، أو اللغة الأخرى، وعلى ذهنه أن يكفّ عن الترجمة الفورية والتحليق بين عالمين يكتبان ويتكلمان من اليسار إلى اليمين، وبالعكس.
جاكلين سلام-كندا
إحدى أكبر الخسائر التي تواجه الفرد المهاجر إلى الغرب هي اللغة وكيفية التواصل مع المحيط. إحدى أكبر التحديات التي تواجه المجتمع الذي يستقبل المهاجرين بأعداد كبيرة، إيجاد وسيط بديل لحل أو لتذليل عقبة الاقتلاع من اللغة الأولى. ومن هنا نشأت الحاجة إلى الترجمة الفورية كقطاع عمل خدماتي له قوانينه. المهاجر الجديد يحتاج للتواصل مع دائرة الهجرة، قطاع الخدمات الاجتماعية، الصحة العامة، التعليم، المحاكم والقانون، ومن ثم العمل وتكوين الشبكة الإجتماعية الجديدة والإنخراط في بنيان المجتمع الجديد. كندا وبحكم اعتمادها على المهاجرين من كل دول العالم، مثلها مثل امريكا وبعض الدول الاوربية قامت بخطوات متقدمة في إطار تذليل هذه العقبات بأن افتتحت مدارس خاصة بالكبار لتعليم اللغة الانكليزية بإشراف أساتذة مختصين في هذا الحقل. ولكن مسألة تعلم اللغة الجديدة لا تتم في "خمسة أيام" ولا تتم في خمسة أشهر ايضاً. ورغم حرص الحكومة في كندا على تقديم هذه الخدمة مجاناً لجميع القادمين إلى كندا، إلا أن الأمور لا تبدو يسيرة وسريعة المنال. أحياناً يكون المهاجر مضطراً للعمل مباشرة لتوفير دخل مادي له ولأسرته، ولأهله في البلاد التي قدم منها. وهذا يعيق إتقانه للغة الجديدة في فترة زمنية قصيرة. أما التحدي الآخر فيصب في خانة المرأة ومسألة قمعها والحد من حرياتها، أبسط حقوقها، وهي التعليم. بعض العائلات "المتخلفة" تمنتع حتى الآن عن إرسال النساء-الأمهات إلى المدارس وتريد للمرأة أن تبقى محافظة على دورها الأزلي كربة بيت، طباخة، وأم، ووسيلة إنجاب. ولذلك نجد في أعلب الحالات لغة الرجل متقدمة على لغة المرأة. ولهذه الأسباب وغيرها كانت هيئات الترجمة الفورية المدعومة من قبل دائرة الهجرة والحكومة الكندية حلاً ناجعاً لتسهيل التواصل بين الجميع من خلال المترجم(ة) الذي يتم تحضيره للقيام بهذه المهمة، ومن خلال دورات تدريبية وامتحانات خاصة تؤهل المترجم ليكون وسيطاً بين عالمين ولغتين ويساعد على خلق عالم لا تكون اللغة فيه عقبة.
العمل في الترجمة في الفورية له تحدياته التي ليست بقليلة. على المترجم(ة) أن يكون ملمّاً بأصول وقواعد العمل المهنية، ويكون قادراً على استيعاب الاختلاف الثقافي بين مجتمعين، إلى جانب إلمامه الجيد باللغة الأم واللغة المضيفة. عليه إلى جوار ذلك أن يكون قادراً على ترجمة لغة الجسد أيضاً، كما عليه أن يحافظ على مستوى اللغة المحكية. عليه نقل اللغة بمفردات الشخص الذي يقوم بالترجمة له، يجب نقل الشتيمة والمصطلحات أيضاً بدون تحسينات، بأمانة وحيادية، بدون تحريف، بدون زيادة أو نقصان، مع الحفاظ على السرية التامة في كل الحالات. كل كلمة لها أهمية سواء اثناء المثول في المحاكم والبوليس، قضايا العنف المنزلي والاعتداء الموجه ضد المرأة أو الأطفال. وكذلك حالات المرض، الإنجاب، مراجعات الطبيب وغيرها من الاستشارات. على المترجم أن يلمّ بحد معقول من المصطلحات القانونية والطبية. إذا قالت المرأة "لقد ضربني زوجي "بوكساً" على الجانب الأيسر، وبوكساً على أنفي أسال الدم منه، وخرمش رقبتي بأظافره...بتاريخ كذا، الساعة كذا" على المترجم أن ينقل التفاصيل، عدد الضربات، توقيتها، مكانها ونتائجها، مع كل الألفاظ النابية المصاحبة. على المترجم أن يكون ملمّاً بالشتائم التي يستخدمها كل قطر عربي، ما أوسع قاموس الشتائم العربي وما أغربها. أحيانا يستحيل أن تجد لها بديلاً معقولاً في اللغة المضيفة.
من خلال عملي لسنوات في حقل الترجمة الفورية، تعلمتُ مصطلحات قانونية، طبية، اجتماعية، وكان لي أن أتعرف على مصطلح الشتائم بكل مستوياته. ويصدف أن تتحرج وتخجل المرأة المعتدى عليها من ذكر تلك الكلمات، وتصبح المسألة أشد وطأة، إذا كان المترجم رجلاً. بعضهن يمتنعن عن التصريح في هذه الحالة، تحت وطأة الحشمة والتقاليد.
هناك عدة طرق للترجمة الفورية، منها ما يتم وجهاً لوجه، حيث يحضر المتحدث بالعربية والجهة المسؤولة المتحدثة بالانكليزية، وعلى المترجم هنا أن ينقل للطرف العربي ما يقوله الآخر بالانكليزية وبالعكس. وهناك أيضا ترجمات تتم عبر الهاتف ( كونفرانس) يجمع 3 أطراف أو أكثر، وعلى المترجم أن يكون يقظاً وينقل للأطراف كلها، الجملة مترجمة بأمانة وبلا تحريف. وهنا على كل الاطراف أن تلتزم بجمل قصيرة كي يتمكن المترجم من إداء عمله. طريقة أخرى للترجمة، تكون بترجمة فورية لوثيقة شخصية، تقرير طبي، أو موضوع مكتوب. يقوم المترجم بقراءته مباشرة للجانب الاخر وباللغة الأخرى. وفي بعض الحالات يقوم المترجم بحضور اجتماع عام، ويترجم مباشرة لشخص واحد أو أكثر ما يقوله مدير الجلسة أو المحاضر. على المترجم أن ينقل مضمون الرسالة، إن تعذر عليه هنا أن ينقل كل كلمة حرفياً، وخاصة أن المتحدث يتكلم بلا توقف. إلى جانب هذه الترجمات الشفهية، هناك حقل الترجمة المكتوبة، ترجمة وثائق شخصية، ومعلومات عامة تخص الهجرة والقانون ومراكز استقرار وإيواء المشردين والمهاجرين، تقديم الكفالات....الخ.
يواجه المترجم الفوري تحديات أخرى وخاصة حين يعمل في قطاع الصحة العامة أو العيادات الخاصة. حضرت مؤخراً مؤتمراً يتعلق بعمل المترجم والمخاوف التي تعتريه حين يطلب للترجمة في هيئات معالجة فيروس"اش أي في" والإيدز، ومرضى السل. من خلال المحاضرة استمع المترجمون إلى شهادات وتجارب أشخاص مصابين بالأيدز، طريقة العلاج، وكيفية الوقاية، والحالات التي ينتقل فيها الفيروس من شخص إلى آخر. الإحاطة بالمرض وكيفية انتقاله، تخفف على المترجم قلقه الداخلي وتخوفه من العمل في هذا القطاع، حين الضرورة. في هذا المؤتمر تحدثت امرأة سوداء من "راوندا"عن ماساتها مع الايدز، والمرض الذي تحمله منذ عدة سنوات. تكلمت بصراحة وألم عن الاغتصاب الذي تعرضت إليه من قبل عدة جنود، إثناء المجزرة البشعة التي حصلت في راوندا في الثمانينات. كما تحدث شاب من كولومبيا عن عمله وسط المثليين الجنسيين، صدمته الكبيرة حين وجد نفسه حاملاً لفيروس الأيذر، ذلك من خلال صديقه الذي يحمل المرض ويعاشره دون أن يخبره الحقيقة. كما تحدث شاب كندي عن حمله لفيروس"اش أي في" والعلاج الذي يأخذه من سنوات. في بعض هذه الحالات يستحيل على المرضى الحصول على المساعدة والعلاج إن لم تتوفر لهم خدمة الترجمة الفورية. وسبق لي أن ترجمت لمريض عربي قادم من افريقيا. بالتأكيد كنت قلقة متوجسة، حين دخلت المركز المخصص لمرضى الأيدز، كان ذلك قبل حضور هذ المؤتمر الذي أشرف على تحضيره هيئة الترجمة في أونتاريو”MCIS”. من خلال هذه الدورات يتم تزويد المترجم(ة) بالكفاءة المطلوبة واستيعاب أهمية الدور الذي يقوم به. هذه الهيئات المختصة بتقديم خدمات الترجمة الفورية لاكثر من 95 لغة، تواظب على تنظيم"ورشات عمل" للمترجمين بين فينة وأخرى، لتزويدهم بما يستجد من معلومات وتذكرهم بأهمية دورهم في حياة الفرد والمجتمع.
المترجم(ة) حين يسمع تفاصيل قضايا الاعتداء الجنسي، العنف المنزلي، ضرب الأطفال وغيرها، يخرج من عمله محملاً بشحنة من الغم والقلق النفسي، ولأن تفاصيل العمل سرية لا يستطيع المترجم أن يبوح بشيء مما سمع للآخرين، فعليه(ها) أن يجد وسيلة لتفريغ هذه الشحنة السلبية من ذهنه. قد يكون السير في حديقة أو بجوار بحيرة طريقة للراحة، ولكن الصيف قصير في كندا. قد يكون التسوق والذهاب إلى "المول" وشراء ما يلزم وما لايلزم، وسيلة خلبية لتفريغ الرأس من محتوياته، ولكن هنا يجب الحذر لأن المردود المادي لقاء الترجمة ليس عظيماً. قد تكون أفضل طريقة لتفريغ الرأس من هموم الآخرين ومشاكلهم، الذهاب إلى مركز رياضي للقفز والركض واليوغا، وقد تكون الملاكمة الافتراضية "كيك بوكس" ناجعة. آخر الاقتراحات، العودة الى البيت، إشعال الشموع المعطّرة، سماع الموسيقى الهادئة وقراءة الشعر. يستطيع المترجم أن يختار شعرا باللغة الأم، أو اللغة الأخرى، وعلى ذهنه أن يكفّ عن الترجمة الفورية والتحليق بين عالمين يكتبان ويتكلمان من اليسار إلى اليمين، وبالعكس.
جاكلين سلام: شاعرة ومترجمة سورية-كندية
نشر في المستقبل اللبنانية- نوافذ ، عام 2009
تعليقات