حين التقينا بالحائز على نوبل ول سوينكا وازار نفيسي في تورنتو. مقال جاكلين سلام في صحيفة الشرق الأوسط
https://archive.aawsat.com/details.asp?section=19&article=389920&issueno=10200#.Y2U-6nbMJPY
الاربعـاء 09 شـوال 1427 هـ 1 نوفمبر 2006 العدد 10200
صحيفة الشرق الاوسط اللندنية
أدباء كبار يجتمعون في تورنتو من أجل عالم «بلا رقابة»
حرية الكلمة تجمع وول سوينكا وآزار نفيسي مع ميريام تاوس
تورنتو: جاكلين سلام
تحت عنوان «بلا رقابة»، أقيم المهرجان العالمي الكبير في تورنتو يوم 20 أكتوبر (تشرين الاول) الفائت، برعاية منظمة «قلم كندا» من أجل حرية التعبير، وسط حضور ولهفة جمهور عريض، تجاوز عدده الألف. قرأ كتّاب من العالم ومن كندا، مقتطفات من أعمالهم الإبداعية، في حضرة كرسي فارغ نصب على المسرح ووضعت عليه صورة كبيرة للصحافية الروسية «آنا بوليكوفسكايا»، التي دفعت حياتها ثمناً لجرأتها ومناصرتها للحقيقة، هي التي «لم تكذب في عملها» رغم تعرضها للتهديد بالقتل.
جرى في هذا الحفل الكندي، الذي يريد العالم حراً «بلا رقابة»، تكريم أيضا لجرأة أورهان باموك، الروائي التركي، الذي حاز أخيرا جائزة نوبل، ومساعيه الشجاعة والمسؤولة في خلع الحجاب عن حقائق تاريخية، ارتكبت في حق أقليات إثنية في تركيا. للكلمة المكتوبة والمسموعة صداها وقوتها وأثرها الكبير في زعزعة أمن واستقرار الديكتاتوريات منذ الأزل في شرق العالم وغربه، تلك الكلمة التي دفع ثمنها الكاتب النيجيري، وول سوينكا الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1989، سنوات في السجن وفي المنفى. الشاعر وول سوينكا اعتقل عام 1967 بسبب مواقفه من حكومة بلاده. هذا الكاتب المسرحي والروائي، الشاعر والناقد، حضر ايضاً المهرجان، واستقبل بتصفيق حار من جمهور تورنتو، حيث قرأ مقطوعات من كتاب لم يصدر بعد. ومن الجدير ذكره أن وول سوينكا wole Soyinka شغل منصب بروفيسور في تدريس الأدب في جامعات انجلترا واميركا ونيجيريا، وخلف للمكتبة العالمية كنزاً خالداً تواجدت بعض طبعاته على منصة بيع الكتب خلال هذه الأمسية الاستثنائية. افتتحت الأمسية الكاتبة كونستانز بروك Constance Brook، رئيسة «قلم كندا»، ومحررة ثلاثة كتب مهمة، ذهب كامل ريعها لصالح «قلم كندا»، لدعم مسيرة المؤسسة في عملها، من أجل حرية التعبير في العالم، واطلاق سراح السجناء من الكتاب. قدم جون رالستون سولJohn Ralston Soul العضو الفخري في القلم، كلمة أشاد فيها بدور الكلمة الحرة، وانتقد الرقابة التي تسلط سكاكينها على رقاب الكتاب في العالم وفي كندا، وفي هذه المناسبة قدم جائزة الصحافة التشجيعية للصحافية كيم وبلان Kim Bolan المقيمة في فانكوفر كندا، لقاء تحرياتها في قضية شديدة التعقيد والسرية والغموض، التي تخص تفجير طائرة على الخطوط الهندية التي وقعت منذ حوالي عشرين عاماً، وقتل خلالها جميع من كانوا على متنها. أما الجائزة التشجيعية الثانية فقدمها سول، إلى كاتب صيني، تم تحريره من السجن في الصين، وما يزال ممنوعاً من السفر والالتحاق بأسرته المقيمة في كندا.
تحدثت الصحافية كيم بولان، عن مسيرتها وعن التهديدات التي تلقتها في داخل كندا، بلد الحريات والديمقراطية، وذكرت مشقة إكمال ملف البحث الذي اشتغلت عليه بسبب رفض بعض الأطراف البوح بالأسرار، خوفاً من القتل. وذكرت أن اثنين من الشهود قتلا في كندا، وذلك لطمس حقيقة هذه الكارثة، ومن وقف خلفها. أكدت بولان أنها ستواظب على مهمتها بشجاعة، ولن تترد في الخوض في القضايا والمسائل التي تتجاهلها الصحافة العامة وتقبع في الكواليس.
شارك في الأمسية عدد من المبدعين الكنديين الحائزين جوائز أدبية مرموقة، ومنهم الكاتبة Miriam Toews التي قرأت من عمل غير منشور بعد، وقرأ الكاتب الكندي الصيني Wayson Choy فصولا من كتاب السيرة الذاتية، قيد الطباعة. شارك أيضا في القراءة M.G Vassnji كندي من أصول هندية، قدم للجمهور مقتطفات من كتاب «يحدث في الهند».
ووسط تصفيق حار وقفت الكاتبة الإيرانية الأصل، المقيمة في أميركا آزار نفيسي Azar Nefisi، التي نشرت كتابها في السيرة الذاتية «يقرأون لوليتا في طهران» عام 2003، وترجم الى 32 لغة من لغات العالم، وبيعت منه ملايين النسخ ووصل إلى 26 طبعة باللغة الانجليزية فقط. حيت الكاتبة جمهورها وبدا عليها الارتباك، وهي تفصح عن «كرهها لقراءة ما تكتبه رغم عشقها للقراءة وسماع الآخرين من الكتاّب». قرأت نفيسي من كتاب أتوبيوغرافي آخر في طور الإعداد بعنوان «أشياء صمتُ عنها»، وتعود فيها إلى طفولتها حين كانت في الخامسة من العمر، وإلى سيرة والدتها التي توفيت حين كانت تعد كتابها الأول، ولم تستطع أن تراها، وتطرح كذلك ومضات من سيرة جدتها ووالدها. تعمد نفيسى، كما قالت، في كتابها هذا إلى «الكذب التخيلي» لتخلط ما بين الحقيقة والكذبة.
عريفة الأمسية آن ـ ماري ماكدونالد الممثلة والكاتبة الكندية، قدمت كلمة شكر في ختام المهرجان وشكرت الكتّاب على حضورهم وذكرت الجميع بمضمون رسالة وهدف «قلم كندا» ووجهت تحيتها ثانية إلى روح الصحافية الروسية، التي قتلت ودعت الجميع إلى توجيه رسالة مكتوبة إلى الرئيس الروسي بوتين للبحث في القضية ومعاقبة الفاعل.
الجزء الثاني من الأمسية، كان في إحدى الصالات الأنيقة في مبنى جامعة تورنتو، حيث أقيم حفل خاص حضره كبار الكتاب والشخصيات العاملة في حقل الصحافة والأدب، مما أتاح للصحافيين الحضور والدردشة مع الكتّاب ضيوف الأمسية. وكان من بين الحضور الكاتبة أدريان كلاركسون، التي شغلت منصب حاكم كندا لعدة سنوات، والمرشحة هذه السنة للفوز بجائزة «غيللر» للأدب الكندي.
خلال السهرة جرى مزاد علني أشرف عليه المحامي Clyton Ruby صاحب أرفع مقام في الدفاع عن حقوق الإنسان في كندا. اقتصر المزاد على بعض القطع الفنية والصور الفوتوغرافية لبعض المواقع الكندية الحديثة والتاريخية وبطاقة إقامة في إحدى البيوت الأثرية العريقة الباذخة.
وعلى يافطة حمراء منصوبة في صالة القراءة الأدبية كتب ما يلي: «حرّر الكتَاب المساجين. روّج للأدب. دافع عن حرية الكلام. إمنع الرقابة».
وفي الجهة المقابلة عُلقت صورة أورهان باموك، العضو الفخري في «قلم كندا».
الشرق الاوسط اللندنية عام2009
#جاكلين_سلام
تعليقات