مقال عن اللجوء وسجناء من العالم يكتبون سيرة التعذيب والاغتصاب ، ترجمة وعرض جاكلين سلام
لاجئ في أوربا ويحمل جواز سفر مزور
سجناء من العالم يكتبون سيرة التعذيب والاغتصاب
جاكلين سلام
سجناء من العالم ترتطم صرخات ألمهم الملونة بأذنيك وأنت تقلب صفحات كتاب عن السجن والحرية. سجناء من الشرق ومن الغرب، من العرق الأسود، الأصفر، الأبيض والملون. نساء ورجال في بلاد على مدى الخارطة الدولية يتحكم بأنفساهم ورقباهم ديكتاتورين من العالم لأنهم يحملون قضية أو فكرة يدافعون عنهم بالورقة والقلم. مقالات وأشعار ورسائل شكوى وشكر أدرجت في انطولوجيا بعنوان “كتّاب تحت الحصار/أصوات الحرية حول العالم” بإشراف منظمة القلم الدولية التي تعنى بإخلاء سبيل السجناء السياسيين والكتّاب حول العالم.
شهادات تخترق عتمة السجون. كلماتهم المغموسة برائحة البول والدم والرصاص تنغرز في جلدك وأنت تقرأ عن سيرتهم وفزع الشهادة على طلقات الاعدام التي تتم على مرآهم وتحصد رفاقاَ لهم في الزنزانة. تتوحد أصوات الناجين منهم فوق صفحات هذه الانطولوجيا، فتشعر بالمرارة حين تدرك أن الحرية التي قضى وتعذب من أجلها الكثيرون، لم تصل إلى أي عتبة من عتبات الشرق العربي- المفترض أنه على موعد مع الخلاص.
في هذه الأنطولوجيا الصادرة بالانكليزية والتي تضمت شهادات لعدد من الكتاب والشعراء والنشطاء السياسيين العرب، نقرأ سيرة السجين في مواجهة الموت والتعذيب والاغتصاب، نذكر منهم: الشاعر السوري فرج بيرقدار، الشاعر السعودي علي الدميني، الناشطة السياسية سهام صدر الدين( تونس)… بالإضافة الى مشاركات لأسماء من العالم نذكر: ايران، تركيا، بنغلاديش، الصين، كوبا، نيجيريا، فيتنام وغيرها. خصص ريع الكتاب لجهة “القلم الدولية” لدعم نشاط المؤسسة التي تواصل رسالتها في تحرير صوت الإنسان من نير الديكتاتوريات التي تواظب على خنق الصوت الحر والإنساني.
في هذا الكتاب يعذبك صوت ” أسيا” وهي تغتصب في سجون تركيا، ويقشعر جلدك هلعا وأنت تقرأ سيرة كاتب وشاعر “علي بهرامي” من ايران في سجن “افين” في ايران وبعد جولات بين المحققين والزنازين يطلبون منه أن يأكل ( صحن الشوربا) في ملعقة زميله الذي أعدم للتو وترك الصحن حارا.
العنف وخنق الحريات والرقابة على المطبوعات والكتابة لا تدع للمواطن نافذة إلا المنفى واللجوء إلى الآخر، والحياة الممكنة في أي رقعة من العالم. لذا لم يعد غريبا على أحد أن يرى في الإعلام ويقرأ في الصحف عن سيرة اللاجئين من كل بقاع الشرق الأوسط في هذه الآونة الأخيرة من القرن 21. ولم يعد غريبا أن يتبادل الأفراد همساً وسراً سيرة جوازات السفر المزورة والمستعارة بقصد الوصول إلى أي من البلاد الأوربية، طلبا للحماية والحرية والعيش اللائق. اللاجئ مواطن يسكنه الرعب من الماضي والقلق من الحاضر، فيتعلم كيف يحيك أو يسرد قصته الحقيقية او المتخيلة كي يفوز بورقة إقامة دائمة أو مؤقتة في بلد اللجوء ورغم هذا التوافد الهائل للاجئين في كل مكان قلما نقرأ سيرة أدبية بالعربية عن معاناة حاملي جواز السفر المزور وطريقة التحقيق معهم حين يتقدمون للجوء في بلد اخر. الخوف لا يغادر قلب المواطن حين يتجاوز حدود السجن. السجن سيرة لا تنتهي عند الحدود والحصول على ترحيب في البلد الجديد.
تطالعك مثل هذه السيرة في مسرحية لكاتب من كونغو تقدم لطلب اللجوء في الولايات المتحدة، في مسرحية بعنوان “صرخات الجُدجُد” وكان لهذه المنطمة يد في تنظيم حملة مساندة لهذا الكاتب الذي قدم الى بريطانيا ولمنع إعادته إلى بلده-كونغو. في هذه المسرحية يصور لنا الكاتب “جان-لويس نتادي” بعضا من جوانب التحقيق مع طالب اللجوء. حين يسأله المحقق عن حيازته على جواز سفر مزور يقول: حين تشتعل النار في بيتك والباب مقفل، هل تهرب من النافذة طلبا للنجاة أم تموت هناك لأن الباب مقفل!
ويعرف اللاجئ أن الأبواب كلها ليست مفتوحة أمامه، ويبقى جرحه مفتوحا على المدى وكثيرا ما يعجز عن التعبير عن هذه التجربة أمام المحقق وأمام الآخر في البلد المضيف لأنه فقد إحدى أهم ركائز التعبير عن الفكرة والرأي وهي اللغة. اللغة الأولى، الرحم والحاضنة
قلت لرجل سوري التقيته منذ أشهر في تورنتو: مبارك لك مبارك لك لقد تم قبولك لاجئاً في كندا.
كان رده: لا أدري إذا كانت التهنئة واجبة، لأن ثمن الحصول على هذا اللجوء، كان باهظا على الصعيد الشخصي. كان ثمنه حياة أبي الذي قتل أمامي…صمت قليلا ثم أضاف: ما يزال رأس أبي يسبح في بركة دم تسجنني وبيننا كل هذه البحار والمحيطات.
نورد ترجمة لبعض الفقرات من مسرحية بعنوان” صرخات الجدجد” ل جان -لويس نتادي كاتب من الكونغو لما فيها من تقاطع مع رحلات الألم التي يعيشها السوريون وغيرهم في بلاد اللجوء وهرباً من الحرب والقتل والمآسي التي لا تغتفر.
ترجمة مقدمة المسرحية
صرخات الجُدجُد:
رجل: أنت متهم بالحيازة على جواز سفر مزور للقدوم الى المملكة المتحدة
يوان: إذا كنت في بيت يحترق، هل تكسر نافذة كي تخرج من البيت، أم تموت في البيت لأن الباب مغلق؟
رجل: لقد وجه إليك سؤال، سيد يوان. هل كان لديك حق في استخدام جواز السفر الذي استخدمته؟
يوان: لا، لأنه كان لناس ذي أهمية. نعم، لأنه كان علي أن أنجو بنفسي من الخطر والموت. إذا سألتك ان تختار ما بين جواز السفر والحياة، أيهما ستختار؟
رجل: أنت متهم بارتكاب العنف. ماذا تقول في ذلك؟
يوان: وما هو هذا العنف الذي قيل أنني ارتكبته؟ …نعم أنا رفضت أن أرجع إلى بلدي حيث سأكون تحت خطر الموت. ولكن صدقني ان استجوابك يشبه الحرامي الذي يصيح ” حرامي”
(يترك المحاكمة ويتجه مباشرة نحو الجمهور)
اسمي يوان. أنا هنا في انكلترا، لوحدي. يريدون أن يعيدوني إلى مكان سأقتل فيه. زوجتي هناك في البلد مع ستة أطفال تجري اهانتهم بشكل متواصل من قبل الشرطة التي تصر على أن تعرف طريقا للوصول إلي. أنا مرتعب مما قد يجري لزوجتي. قد يغتصبوها. قد يقتلوها. العائلة تتنقل من قرية إلى قرية للنجاة من الخطر. إنهم الآن في منطقة لا يمكن للشرطة الوصول إليها. هناك حرب أهلية ولا يوجد اتصالات هاتفية.
يعني، أنهم ما يزالون في خطر وحاليا لا اتصال بيننا. فقط في الأحلام.
تظهر زوجته له في الحلم.
سوسو: نحدق في البيت الذي بنيناه سوياً، خائفون من الموت الذي قد يفاجؤنا إذا بقينا.
يوان: نعم حبيبتي، إنها سياسة الأسد. حين يكون الأسد ملكا، لا يجوز لحيوانات أخرى أن تستلقي إلى جواره.
سوسو: القرى، المحلات، المناطق بأسرها، نهبت من قبل السلطات المخدوعة بالذهب الأسود…
يوان: الأطفال ما بين سن 10-12 تم تسليحهم الى الأقصى…
سوسو: سياسة الأسد…
يوان: هذا الجشع سوف يدمر افريقيا. القوي لا يتقاسم ثروة البلاد مع الآخرين إطلاقا.
سوسو: هذا الجشع على المحك الآن. نأكل بترول، نشرب بترول، نلبس نترول، نرقص بترول. انه البترول، هيا –هيا…
يوان: بلدنا مُعتقل. نمل ضخم اجتاح الأقضية، وحتى الشوارع الضيقة في أمتنا. لذلك يجب أن ننسحب كي نعاود التقدم من جديد.
سوسو: قريبا أو بعيداً سوف نرى بعضنا، لذلك هذا الدمع مسحتق. من الأفضل أن تطلب حماية ملكة بريطانيا التي تعرف قليلا عن حقيقة السياسة الافريقية، والتي تعرف أكثر عن حقوق الإنسان والحريات الأساسية…”
جاكلين سلام كاتبة ومترجمة سورية –كندية
مسقط عمان، صقحة أثير
: https://www.atheer.om/archives/11242/#ixzz6pHWA8zx0
تعليقات