حوار جاكلين سلام مع المخرج صائب غازي حول صناعة السينما والمهجر الكندي والثقافة 2022
حوار مع المخرج العراقي-الكندي الدكتور صائب غازي حول التجربة
الإعلامية والفنية
العمل والإخراج ما بين الفضائيات العربية في الشرق والأفلام
الوثائقية من كندا
أجرت الحوار جاكلين سلام، من تورنتو /كندا، ربيع
2022
أعود إلى سلسلة الحوارات
التي بدأتها منذ فترة بغاية تسليط الضوء على أهمية العمل الفني والإبداعي في
سيرورة المجتمعات وتقدمها. انطلق في هذا الحوار مع تجربة مهمة وغنية وطويلة في
الإعلام سواء في الشرق، أو في كندا. أركز على هذه التجربة بالتحديد لأن الاستمرار
في تقديم عمل فني من الساحة الكندية وإلى الشرق ليس عملاً سهلاً بسبب التحديات
الكثيرة التي يواجهها الفرد-المهاجر بعد هجرته إلى هذا المكان البعيد نسبياً عن بؤر
الحدث السياسي العالمي والاقتصادي. رغم كون كندا ملاصقة لأمريكا حدوديا في أكثر من
موقع ورغم تغير الدور الذي تلعبه كندا حالياً على الساحة الدولية.
المميز في تجربة المخرج صائب غازي، اجتهاده في التقاط مواضيع جديدة
ومعاصرة، وعدم انقطاعه عن مواصلة الإبداع والإخراج وابتكار مادة تستهوي ميوله
الجمالية الإنسانية، ولها أيضا صلة بالمهجر الكندي الذي يقيم فيه حاليا. وهذه
التجارب مميزة انسانيا وإبداعيا كما سنقرأ في سياق الحديث الذي أردته إن يكون
إضاءة على تجربة مضيئة أساسا، و أن يكون نافذة للتعريف بالمحيط الكندي.
شخصيا وبحكم إقامتي الطويلة هنا أعرف كم عسير على الفنان والكاتب
المهاجر أن يبقى على صلة بأحلام التواصل مع تلك البلاد التي جاء منها وهو يحمل
حلمه المشرع على السلام والإخاء والشراكة في المحمول الإنساني الكوني.
في هذا الحوار الغني بالخبرة الأكاديمية والميدانية في حقل الإعلام
المرئي والسموع يأخذنا المخرج الدكتور صائب غازي للتعرف على محطات مهمة في حياته
العملية التي بدأت في العراق، ثم أخذت مداها في قناة الجزيرة الفضائية القطرية حيث
كان يعمل مخرجا ومدربا فنيا لسنوات، ومن ثم في قناة "الحرة" في واشنطن-
أمريكا، وغيرها العديد، وصولا إلى الاستقرار والمراسلة من كندا لتقديم بعض
الوثائقيات المميزة لقناة "العربية" وليس حصراً.
- ويجدر بنا
الإشارة إلى آخر مشاركاته من كندا الى الشرق الأوسط، عبر مشاركة فيلم "قرارات
حمقاء" في مهرجان سوس السينمائي للأفلام القصيرة، المغرب، سيكون في شهر ايار/مايو 2022.
هنا حوار هذه التجربة الإبداعية وفي نهايته تجدون نبذة عن التجربة
المهنية والدراسات الأكاديمية ومحطات عمل الدكتور صائب غازي.
جاكلين سلام: أطلعت بإعجاب على سيرتك الإبداعية ومحطات عملك في أهم
القنوات الفضائية التلفزيونية كالجزيرة والحرة وغيرها، والآن أنت تقيم في كندا منذ
سنوات. كيف تصف هذه الإنتقالة من محيط عملي عربي إلى كندا، بلد الإقامة الحالي؟
حبذا لو نتطرق إلى النجاحات والمعيقات والآمال بخصوص العمل التلفزيوني والسينمائي
الذي يواجه مصاعب شتى بنظري.
صائب غازي:
الإنتقال الى كندا لم يكن بالأمر اليسير بالمطلق اول الصعوبات التي
واجهتها هي الجو البارد والثلوج حيث أنني كنت أعيش طوال حياتي في بيئة دافئة وحارة
بين العراق والخليج ، فضلا عن افتقادي للاجواء الفنية والثقافية والمحيط الاعلامي
الذي كنت اعيشه بين زملائي واصدقائي في قناة الجزيرة وحضوري الدائم للمهرجانات
والمنتديات الثقافية التي كانت تقام في قطر والمنطقة العربية ، كما واجهت صعوبات
العمل قي تخصصي بمجال الفن أو الاعلام في كندا حيث يفضلون دائما خريجو الجامعات
الكندية أو ممن يمتلكون خبرة عمل في المؤسسات الكندية.
حاكلين سلام: في زمن السوشيال ميديا صار استخدام الموبايل ممكنا في
انتاج تسجيلات أفلام قصيرة جدا. سبق أن حضرت دورة تدريبية عن بعد مع فريق كندي
للتدريب على استخدام هذه التقنيات وانتاج أفلام لا تتعدى الدقائق، وكان هناك
مسابقات لهذا النوع من الأفلام. كيف تقيم هذه التجارب قياسا بالعمل السينمائي
الطويل الذي يتجاوز 20 دقيقة وأكثر؟
صائب غازي: الموبايل غير حياتنا و حياة المجتمعات خاصة مع تطور
تقنيات التصوير فيه ، أصبحت الصورة الملتقطة في الموبايل جزء مشارك لحياتنا
وثقافتنا وكل الناس أصبحت تمتلك القدرة على تسجيل اللحظة وتوثيقها فتسللت الصورة إلى
علاقاتنا وحياتنا الاجتماعية والسياسية والبيئية وأصبح كل انسان بامكانه أن يمتلك
قناته الخاصة على السوشيال ميديا بل تولد في مجال الاعلام مصطلح صحافة الموبايل
اذن لم يعد الهاتف مجرد وسيلة للاتصال بل بات وسيلة للخلق والإبداع ايضا وعليه كان
لزاما أن يتم توظيف الموبايل في إنتاج أفلام قصيرة وثائقية أو روائية وانا أراها
حالة صحية بشرط أن تكون منضبطة وتعمل بشروط العمل الفني الملتزم وليس العبثي
والفوضوي.
جاكلين سلام: لديك فيلم وثائقي عرض في قناة (العربية) تم تصويره في
كندا، مدينة جورج تاون، وكان عن رحلة الأرمن بعد المجزرة عام 1914-1918. لاحظت
هناك جهود مكثفة وانتقالات جميلة من مناطق متعددة في كندا وتحديا في المنطقة التي
انتقل إليها ( الأطفال الأرمن الناجين من المجزرة) . ما هي الصعوبات التي واجهتكم
وخاصة أن العمل قائم على جهود فردية على ما أعتقد. وكان العمل ناجحا ومؤثرا. من
حيث انتقالات الكاميرا بمهارة، ومن حيث اللقاءات مع كبار العمر، من الأرمن
الكنديين؟
وما الذي دعاك للتفكير في تسليط الضوء على تلك الحقبة، و بعد مضي
أكثر من قرن على تلك المأساة.
صائب غازي:
الفيلم الوثائقي (الأرمن في كندا) كان واحدا من سلسلة وثائقيات
انتجناها من كندا لبرنامج مهمة خاصة في قناة العربية . قصة الأرمن في كندا كانت
واحدة من القصص الانسانية المؤثرة التي سردنا فيها قصة هروب الاطفال و انفصالهم عن
عوائلهم و وصولهم إلى كندا قبل مائة عام تقريبا وقد مروا بتجارب قاسية وكلهم كانوا
متوفين ، وتمكنا من الوصول الى أبناء وأحفاد بعضهم بصعوبة وبجهود كبيرة مبذولة
بشكل خاص من صاحبة الفكرة وكاتبة سيناريو العمل مراسلة العربية في كندا رفاه السعد
وقد أبدعت في جمع المعلومات والوصول إلى هؤلاء الناس وتمكنا من الوصول الى المدرسة
والمزرعة التي كانت تضم الاطفال الأيتام من الأرمن آنذاك ، الذي دفعنا للتفكير في
انتاج عمل عن الأرمن هو جوهر الحالة الانسانية وأهمية القيمة المعرفية في تقديم
المعلومات للمشاهدين حول هؤلاء الناس الذين تعرضوا للاضطهاد الكبير وبشكل وحشي في
بلدانهم الى حين وصولهم الى كندا.
*
جاكلين سلام: في فيلمك الوثائقي "قرارات حمقاء" عن أهم
حروب الإبادة التي جرت في العالم. كان الفيلم مشاركا في مهرجان سينمائي شرق أوسطي
أقيم في تورنتو، متحف أغا خان، وشخصيا كنتُ حاضرة وأعمل في تقديم فقرات البرنامج
والحوارات والترجمة. أعود إلى السؤال: هل صانعو الحروب حمقى، أم مرضى بالسلطة
والتسلط بغض النظر عن قيمة الأرواح التي تهدر هباء؟
صائب غازي:
الفيلم سوف يشارك قريبا ضمن المسابقة الرسمية أيضا في مهرجان سوس
السينمائي في مدينة اغادير بالمغرب، ولا يفوتني ان اشكر حضورك في مهرجان تورنتو لافلام
الشرق الأوسط وشمال افريقيا حيث كان العرض الاول لفيلم قرارات حمقاء. واود الاشارة
الى ان هذا الفيلم هو بمثابة إدانة لكل صناع الحروب الذين يتخذون قراراتهم الوحشية
بابادة البشرية وأغلبهم تنبع قراراتهم من سلطتهم الدكتاتورية المريضة ولا يمكن
اعتبار قرارتهم تلك ذكية أو حكيمة طالما هناك إبادة للبشرية فقد تسبب أشخاص
معدودين بمقتل ملايين البشر ولا يمكن إدراج قراراتهم تلك إلا تحت عنوان القرارات
الحمقاء ، هؤلاء تسببوا بمعاناة البشرية واوجاعها وآلامها التي لا تندمل بسهولة أبدا.
جاكلين سلام: لي ربع قرن في كندا، وعاصرت عدة تجارب أو محاولات للعمل
على تفعيل مشاريع تلفزيونية عربية أو محطات إذاعية، ولكنها كلها توقفت قبل أن
تبدأ، أو توقفت بعد فترة قصيرة، وكانت ضعيفة في أي حال.
كيف ترى مستقبل المهاجرين الذي يمتلكون الكفاءة الأكاديمية
والإبداعية والفنية، ولا يمتلكون القدرة المالية لتأسيس مشروع مهم يسلطة الضوء على
واقعنا في كندا؟
صائب غازي:
الأمر كما ذكرت ليس باليسير لكن المحاولات يجب ان تستمر فالجاليات
العربية أعدادها كبيرة وتستحق ان تكون لها صرح اعلامي مهم وكبير يستوعب الطاقات
الابداعية الفنية والاعلامية ويكون بمثابة حلقة وصل وناقل لرسالة كندا الى كل
العرب داخل وخارج كندا .. كل التجارب تتوقف أو تنتهي في مهدها بسبب التمويل لأن
الاعلام يحتاج الى تمويل كبير و الحكومة هي الوحيدة القادرة على دعم هكذا مشروع أسوة
بقناة الحرة في اميركا . مشكلة العالم العربي حتى في المؤسسات العربية الكبيرة لا
يجدون كندا محط اهتمام لخريطتهم البرامجية والاخبارية ويرون انها لا تمتلك معطى
اخباريا وهذا تصور خاطئ فكندا بلد بمساحة كبيرة وجاليات متعددة وبلد صناعي عملاق
ويمثل اقتصاده الأول في دول اميركا الشمالية ودوما تتوفر فيه القصص والأخبار التي
تستحق الاهتمام ولذلك نحتاج الى مؤسسة إعلامية فضائية ناطقة باللغة تنقل الرسالة
من داخل كندا لتغيير هذه الصورة النمطية لدى العرب عن كندا.
جاكلين سلام: إلى أين تمتد خريطة حلمك الإبداعي والإنساني في هذه
السنوات؟
صائب غازي:
أرغب بشدة في إخراج أفلام روائية وكذلك سلسلة وثائقيات تحديدا عن
كندا. وايضا أن نكون جزء من مؤسسة اعلامية مهمة نقدم من خلالها رسائل إنسانية وإعلامية
تدعم السلام والتعايش ونبذ العنف والاقصاء. الإعلام للاأسف في كل مكان من العالم
ساهم في زيادة التوتر في العالم بين المجتمعات، و اأتمنى ان يكون لنا دور في إخماد
التوتر في العالم من خلال صناعة الصورة التي تعنى بالسلام والمحبة.
.
جاكلين سلام: ختاما، أتقدم بالشكر الجزيل للصديق الدكتور صائب غازي
وأشاركه الحلم في أن يتفوق الفن وعشاقه على صناع الحرب في الشرق والغرب لأن
الإنسان قيمة سامية وكل فرد يستحق العيش الكريم والحرية والفرح بغض النظر عن موقعه
الجغرافي أو خريطة انتمائه العرقي أو القومي أو الديني. وتحية إكبار لكل يد وقلب
يعيد ابتكار الجمال والفرح ويعيد تشكيل ما خربه أعداء الإنسانية والحب والجمال.
....
نبذة عن المخرج صائب غازي
الشهادات
العلمية
2008
دكتوراه سينما من قسم الفنون سمعية ومرئية من
كلية الفنون الجميلة – جامعة بغداد عن الرسالة الموسومة (صراع الحضارات في الخطاب
السينمائي)
1995
ماجستير سينما، قسم الفنون السمعية والمرئية من
كلية الفنون الجميلة – جامعة بغداد
عن الرسالة
الموسومة (تعبيرية الاضاءة السينمائية في افلام مدير التصوير حاتم حسين)
1991
بكالوريس سينما، من قسم الفنون السمعية
والمرئية من كلية الفنون الجميلة – جامعة بغداد
2022دبلوم في
الديجتال ميديا ، إعلام السوشيال ميديا من كلية ادارة الاعمال الكندية - تورنتو Canadian Business College
الخبرات
صاحب شركة 2K Media Production
كندا -
تورنتو
مخرج أول،
قناة الجزيرة الفضائية منذ عام 2004 - 2016
مدرب في مركز
الجزيرة للتدريب الاعلامي لغاية 2016
مخرج في قناة
الحرة في واشنطن 2017-2018
2003
مدير العمليات الفنية و التشغيل في قناة ،/CNBC عربية
2000
– 2003 مخرج في تلفزيون دبي
1999
– 2000 مخرج في مكتب قناة art ودبي الاقتصادية
في بغداد
مخرج في
تلفزيون العراق منذ عام 1992 ولغاية 1999
مخرج ومنتج
لبعض الاعمال التلفزيونية لحساب بعض الشركات في مدينة دبي للاعلام
2010
-2013 مدرس محاضر في جامعة قطر – قسم الإعلام
1993
– 1994 مدرس محاضر في قسم السينما – معهد الفنون
الجميلة في بغداد
حاليا
———
مقيم في كندا
حاليا منتج تقارير منوعة لعدد من القنوات التلفزيونية العربية
وأهم
النتاجات الوثائقية في كندا
1-
الفيلم الروائي الكوميدي الهندي
(لكمة وأبراج
وعلاج)
Punch Panchangam Pariharam
الفيلم بلغة
التاميل الهندية وهو بزمن 45 دقيقة عرض في دار عرض سينمائي بمدينة ميسساغا بكندا
عام 2017
2-
الفيلم الوثائقي (قرارات حمقاء) انتج عام 2019
بزمن 20 دقيقة
وهو فيلم
وثائقي درامي "ديكودراما" يتحدث عن اهم حروب الإبادة في التاريخ التي
أتخذ قرارها قادة حمقى تسببوا بمقتل الملايين ، كتب السيناريو الإعلامية التونسية
فاطمة الجمالي ، تمثيل الفنان جبار الجنابي ، شارك في العمل الفني كل من المخرج
حيدر فارس ومدير التصوير رمزي معروف.
شارك الفيلم
في مهرجان أفلام الشرق الاوسط وشمال افريقيا بتورنتو كندا عام 2019
-
الفيلم الوثائقي (الأرخبيل)
انتاج عام
2016 بزمن 20 دقيقة وهو فيلم وثائقي سياحي يتحدث عن الحياة في جزيرة بوكيت في
تايلند كتب السيناريو التونسية فاطمة الجمالي
-الوثائقي
(اكاديمية برشلونة) في تورنتو بكندا وهو بزمن 7 دقائق عام 2017 ويتحدث حول
اكاديمية برشلونة لكرة القدم وتأهيل الاطفال فيها واعدادهم للعب كرة القدم مستقبلا
-الوثائقي
(مأساة الطائرة الأوكرانية) 2020 بزمن 25 دقيقة والذي يتناول حادثة اسقاط الطائرة
الاوكرانية في ايران واغلبهم كانوا من الكنديين ذو الأصول الايرانيه كنب السيناريو
الاعلامية رفاه السعد
-الوثائقي
(الأرمن في كندا) ، انتج 2021 بزمن 23 دقيقة والذي تناول مأساة الأرمن واستقبال
كندا لأطفال من الايتام الارمن عام 1923 و وضعهم في مدرسة بقرية جورج تاون بكندا ،
كتب السيناريو الاعلامية رفاه السعد
-الوثائقي
(القاضي عبد الوهاب البغدادي) انتج عام 2002 وهو بزمن 13 دقيقة لحساب تلفزيون دبي
ويتناول رحلة القاضي العراقي عبد الوهاب البغدادي قبل الف عام وهو مؤسس المذهب
المالكي في العراق والشام والخليج والمغرب العربي
الوثائقي
(العراق التاريخ والمستقبل) عام 1998 تلفزيون العراق بزمن 30 دقيقة
اهم البرامج
التي وثقت السينما العراقية كان (موعد مع السينما العراقية) في التسعينات اعداد
سالم العزاوي وتقديم اسيل سامي
تم الحوار في شهر ابريل 2022.
نشر في موقع الحوار المتمدن.
جاكلين سلام،، إعلامية، شاعرة، مترجمة، صحفية، سورية كندية. لها مقالات
صحفية منشورة في الصحف والمواقع العربية، نذكر منها: الشرق الأوسط اللندنية،
الجزيرة نت، الحياة، السفير، والصباح العراقية، وليس حصرا.
تعليقات