جاكلين سلام، عن المكتبات والكتب المستعملة في كندا. معارض الكتاب في الشرق

جاكلين سلام انطباعات حول تداول الكتب والمعرفة بين شرق وغرب
1 تحتفل البلاد العربية بين فترة وأخرى بمعارض الكتب، وهذه ظاهرة مهمة لإيصال الكتاب إلى القراء، وتشجع على القراءة وتدعم دور النشر. يبقى هناك سؤال مهم لدي، هو العلاقة ما بين مقدرة الفرد المادية على اقتناء الكتب في الوقت الذي يعجز فيه الناس عن تأمين أولويات العيش الكريم من خبز وماء وكهرباء، وأدوية. وبخاصة في الآونة الاخيرة وفي البلاد التي تستعر فيها الحروب والسرقات (من جهة السلطة) وحماتها وحواشيها. 2 منذ هجرتي إلى كندا لم أزر معرضاً للكتاب العربي، ونادراً ما حضرت هنا معارض كتب بالتنسيق المتعارف عليه عربياً، لكنني دائماً أعثر على كتب عربية وانكليزية تثير شهية القراءة لدي وتدفعني لعرضها في الصحافة العربية حين أجد إلى ذلك سبيلاً. وأحيانأً أقوم بترجمة مقتطفات أتقاسمها مع القراء الباحثين عما ليس في متناول أيديهم سواء في المكتبات أو المعارض الدورية العربية. 3 بعدي عن كل الأنشطة العامة عربيا لم يفقدني الصلة بالكتاب العربي وإعلامه. ما زلت أثابر على زيارة أكبر مكتبة جامعية في تورنتو للبحوث والدراسات الشرقية( روبرتس). هناك أقضي ساعات للبحث عما أرغب في قراءته. هذه المكتبة غنية وشاملة على كل أنواع الكتب التراثية والحديثة، النقدية والإبداعية ومن كل أنحاء العالم العربي. أما من جهة الكتاب الانكليزي، فقد سعيتُ خلال هذه السنوات أن أتعرف على الكتاب الكندي على وجه التحديد والأمريكي بوجه عام. أحضر قراءات وحفلات توقيع ومهرجانات دورية تقام في تورنتو. كتابتي عن هذه المناسبات صارت طريقتي المثلى في إقامة "معرض" متواضع لما يثير اهتمامي كصحفية. سأقوم بجمع هذه المقالات في كتاب. 4 إذا عدت بالذاكرة إلى الوراء أجد أن المعارض التي زرتها في البلاد كانت معدودة. أول كتاب اشتريته حين كنتُ طالبة في المدرسة الإعدادية كان بعنوان "بيانات السريالية" من معرض أقيم في مكتبة المركز الثقافي في مدينتي المالكية-سوريا ، بالاضافة الى كتاب بعنوان " ايبلا منعطف التاريخ" وكتاب بعنوان "ساعة الحقيقة- مترجم". في المرحلة الجامعية كنت أزور المعارض التي تقام في المكتبة المركزية لجامعة حلب. ولكن كانت وما تزال الاستعارة من الأصدقاء والمكتبات العامة معيني في الحصول على الكتاب. المكتبات العامة تشدني للدخول إليها كلما استطعت. أجمل المعارض التي أداوم اليوم على زيارتها هي معارض ومستودعات الكتب المستعملة. وبالتأكيد لو كنت قريبة من أي بلد يهتم بمعارض الكتب لوجدتني هناك أبحث عن زوادتي وربما أشعر بالزهو والطاووسية إن وجدت أيّ من مجموعاتي الشعرية على طاولة عرض ما. لأنني"محرومة" بحكم المسافة من الوصول إلى كتابي حين صدوره، وأنتظر ما يجود به الناشر علينا بعد ذلك. لدي الان نسخة واحدة مطبوعة من مجموعتي الشعرية الأولى "كريستال" التي صدرت عن دار الكنوز الأدبية عام 2002. ونسخ قليلة جدا من المطبوعات الأخرى. 5 في مخازن الكتب المستعملة، أعثر على إصدارات ممتازة ونظيفة وبأسعار زهيدة. هناك مكتبات عامة تقوم بالاستغناء عن كتب كثيرة على رفوفها وتعرضها للبيع بسعر زهيد تشجيعا للقراءة، والعمل على (( تدوير المنتج) بدل اتلافه في القمامة. تعجبني رائحتها وفوضاها ومفاجآتها. مرة حضرت في تورنتو حفل توقيع كتاب (عشرة الاف وردة) للكابتة والناشطة النسوية ( جودي ريبيك) ويخلص المسيرة النسوية ومراحلها في كندا، ولم يكن معي ثمن الكتاب في حينه(2006) فلم اشتر الكتاب بل استعرته من المكتبة العامة وأعدته بعد أن كتبت عنه مقالا نشر في صحيفة ( الشرق الأوسط اللندنية) وبعد ذلك حدث أن مررت بمكتبة للكتب المستعملة ووجدت الكتاب ينتظرني على أحد الرفوف بغلافه الأحمر أنيقا ونظيفا فاشتريته. 6 من ناحية أخرى أعتقد أنني بدأت اسمح لنفسي بالتخلي عن كتب قرأتها وهي لدي على الرف ولن أعود إليها، لذلك تبرعت بالكثير منها لأصدقاء يرغبون بالقراءة، ولا يملكون إمكانية شراء الكتب وهم في بداية حياتهم للاستقرار في بلد اللجوء. أضف إليه أن مساحة البيوت في هذه البلاد لا تسمح لنا بالاكثار من الرفوف في البيت. 7 في زمن الكورونا وحين بدأت البرامج التلفزيونية واللقاءات تجري من البيت وتنقل إلى شاشات التلفاز حول العالم أو عبر ( تطبيقات زووم ويوتيوب) ، لاحظت حضور المكتبات المنزلية كخلفية للقاء، مسألة مهمة وتدلنا على هذا المشترك الجمالي الإنساني المعرفي الذي يتقاطع فيه الشرق مع الغرب. وهناك بيوت تخلو من أي كتاب، وهناك بيوت، تكاد تصبح مكتبة غنية ومتنوعة المعارف. البيت يدل على اهتمام أهله. 8 يقولون ستختفي الكتب الورقية، ويحل مكانها الملفات الالكترونية قريبا. هذا ما بدأ يحدث عمليا، ولكن سيبقى للكتاب الورقي رائحته وملمسه وغلافه الفني وعلاقتنا الخاصة به. التوثيق الالكتروني مهم طبعا لأنه سيحمي ( الكتاب) من الاحتراق والضياع حين تقع الحروب والغارات وتشتعل أحقاد شعب على آخر. وهناك أفلام تحتفي بالكتب والمعرفة قد أعود إليها لاحقا. بكلمة أخرى، لا تكن بخيلا في التنازل عن كتبك إذا كانت فقط للعرض بين جدران بيتك. الغرض من الطباعة والمطبوعات هو نشر المعرفة وتداولها من يد الى يد، ولتحفيز التفكير والسعي الى التغيير الايجابي، والتعرف على أصناف العلوم والفنون والحضارات. طبعا هناك كتب تشد نحو القطب المتخلف السلفي القبيح، وهذه ما لا يفيد الحضارة في شيئ. ويقال أن العرب لا يقرأون كثيرا في هذا العصر. ربما لأسباب مادية، ولأسباب أخرى منها استهلاكية الإعلام، وليس حصرا. مدونة جاكلين سلام www.jacquelinesalamwritings.blogspot.com

تعليقات

جاكلين سلام

حضانة الاطفال والحقائق المرة عن محكمة الاسرة في كندا

شعرية الكريستال قراءة نقدية في مجموعة كريستال للشاعرة جاكلين سلام. د. محمد فكري الجزار

about " Anne of green Gables"

قسوة الهجرة الى كندا في مذكرات سوزانا مودي، جاكلين سلام

مراجعة كتاب وقراءة في "نادي الانتحار" والليالي العربية الجديدة

مشاركة جاكلين سلام في مؤتمر اعدت له الجامعة الكندية ( ماكماستر) حول اللغة والمنفى

انشغالات جاكلين سلام في الدستور الاردنية

حوار مع الناقد محمد عباس في صفحة منتدى مدينة على هدب طفل 2004

نصوص من مجموعة المحبرة أنثى