جاكلين سلام، مقال حول بيوت يكتب عنها الكنديون الروائيون
كتّاب كندا يفتحون لكم أبواب بيوتهم وبعض أسرارها
وهناك بيوت لا تستطيع أن تدخلها ثانية
جاكلين سلام-تورنتو
في هذا الكتاب الذي صدر بالانكليزية في كندا وشارك فيه 44 كاتباً كندياً نقع على فسيفساء ثمينة بمحتوياتها وتنوع مواضيعها. في هذه المقالات الشخصية نقف على رابطة وثيقة ما بين البيت والطفولة. الذاكرة تقفز إلى هناك سعيدة أو حزينة وتتمسك بذلك الرحم وتلك الرائحة وذلك الوجود الأول الذي لا يفارقنا. نقطع آلاف الأميال، نصبح عجائز ويبقى ذلك البيت واقفاً عليه ترتكز أرواحنا حين توشك العواصف أن تقتلع جذورنا. هنا القارئ مدعو لقيلولة في رحاب بيوت الكتّاب. وللكاتب حرية أن يفتح لضيفه الأدراج السرية أو يبقيها مغلقة ويكتفي بالتجوال حول حديقة البيت وملامسة الأثاث والممتلكات التي تحمل ذاكرة خاصة بحاملها. الكتابة عن البيت تأخذنا إلى رحم العلاقة ما بيننا وبين أشيائنا وأسفارنا. هناك بيوت لا يمكننا العودة إليها، هناك بيوت يوجعنا الحنين إليها، هناك بيوت تقيم فينا حتى بعد سقوطها إثر حرب أو تحديث عمراني.
أشرفت على تحرير هذه الانطولوجيا "كونستاس بروك" وطبع في كندا. المقالات تمكننا من السفر في رحاب كندا، إلى العالم. 390 صفحة من صفحات الذاكرة وعميق المشاعر والأحداث الشخصية يسطرها كتّاب لهم حضورهم المميز في ساحة الأدب الكندي.
هذه المقاطع المنتقاة للترجمة من مقالات طويلة ما هي إلا نفحة من حديقة هذا المكان. اخترنا فقرات من مقالة مارغريت أتوود الشاعرة، الناقدة، والروائية الأكثر شهرة في كندا وخارجها. إلى جوار كل من الكاتب الروائي والشاعر مايكل اونداتجي الهندي الأصول والمعروف في العالم العربي من خلال روايته وفيلم "المريض الانكليزي" ويذكر أن لاونداتجي مكانة خاصة في الساحة الكندية وحائز على جوائز مرموقة. أما أدريان كلاركسون، فهي الروائية والصحافية صينية الأصل، والتي شغلت منصب "حاكم كندا" لسنوات خلت. أما كارول شيلدز الحائزة على جائزة "بوكر" العالمية وغيرها، فقد رحلت وتركت إرثاً روائيا وقصصيا ثرياً. كما اخترنا مقاطع من مقالة الروائي الكندي الإيطالي"نينو ريتشي" الذي فاز العام بجائزة الرواية الكندية عن روايته التي تحمل عنوان"أصل الأنواع"
مارغريت اتوود: كندية
بين عامي 1936 وعام 1948 انتقل والدي عشرين مرة. أحيانا ما بين موقعين محددين. إلى المدينة في نهايات الخريف، وإلى الغابة مع بدايات الربيع، وأحيانا كان يتم الانتقال من مدينة إلى أخرى. أمي وأبي كانا من "نوفاسكوتشيا" وكان هناك بيتهم. ولكنه لم يكن بيتي. إذاّ، أين كنتُ؟
هنا وهناك، على الخط المنقط الذي شكّل دربنا. ذلك الذي يظهر خارجاً من بين الصناديق والحقائب، الذي حملناه معنا ليقوم في صيغة أخرى، في غرف أخرى، بعد رحلة طويلة غير مريحة. كنا نسير مئات الأميال والحمولة محزومة في مؤخرة السيارة.... لم يكن ممكنا الاتكاء على البيت، الركون إليه والثبات في مكان. أصبحنا تقريباً في البيت الآن، يقولون، في المطر العاصف أو في منتصف الليل، في أي مكان معتم، وذلك أفضل جزء من البيت: اللحظة التي تسبق إشعال المصباح. البيت كان المكان الذي دائما نعبره، ولا نصل إليه، لأننا نكون قد تركناه منذ أيام، أقفلنا الأبواب وأخفينا المفتاح، و بالتالي قد أصبح خلفنا. ليس فقط أنك لا تستطيع العودة إلى البيت ثانية، بل لم يكن الوصول إليه ممكنا منذ البداية...
مايكل اونداتجي: كندي-هندي
انقطعت الكهرباء عن البيت نصف اليوم وران السكون في البيت. لذلك لن يكون هناك خفقان مروحة أو همهمة ضوء. ستسمع صوت قلم الرصاص على الورقة ولاحقاً ترى ظل الشمعة الكثيف على الورقة، فيما أنت تكتب ما تبقى من كلمات. الفقرة تختصر إلى كلمة واحدة. فاصلة، ثم كلمة أخرى، مكتملة كفكرة. بالطريقة التي يحمل معها اسم شخص ما بعض فواصل شخصيته، محاطاً بكل اكتشافاتنا عنهه. أتمشى في الممر الذي قد يكون أكثر برودة من باقي أجزاء البيت. دفء في الظهيرة، دفء في عتمة الليل. وهناك نقّار الخشب الذي رأيته في الصباح عبر تلسكوبي الشخصي، بعرفه الأحمر المكتور في الأعلى، القاني كالدم. المسافة دائما أكثر وضوحاً. لم أعد أرى أي كلمة تحت ناظري. كما لو أن روحي صارت ضرساً موجوعاً. أنحني أكثر على الورقة لأقترب من الذي كان مفهوماً، ما أكتبه سوف ينزاح، وسأكون قادرا فقط على فهم الكلمات التي على مدى ذراعي. هل تستطيع روحي أن تحل في جسد نقار الخشب ذاك؟ قد تكون حرارته عالية في ضوء الشمس. قد تكون حياة محدودة...
كارول شيلدز: كندية
حين كنت في الخامسة من عمري أصابني مرض الحنين إلى البيت عندما كنت في زيارة قريبة لي ولذلك كان عليهم أن يعيدوني إلى البيت قبل الموعد المحدد لنهاية زيارتي بعدة أيام. لاحقا مرضتُ بالحنين إلى البيت حين ذهبت إلى "مخيم البنات" وانتهى بي الأمر إلى "عيادة طبية" مصابة بجرح في الحنجرة، أنا مقتنعة بأنني أصبت به جراء بؤس مغادرة البيت. في المرحلة الجامعية وعلى بعد مئات الأميال من البيت، أتذكر مسلسل البكاء الذي كنت أقع فيه حتى في وسط أكثر أوقاتي بهجة. في الغرفة الخاصة بي في السكن الجامعي المخصص للنساء، كانت الستائر وشراشف السرير تحاكي تلك التي في بيتي. وكانت الأبعاد مختلفة وغير صحيحة، وكذلك الضجة التي تثيرها. ثم أتت أيام بالطبع، أصبح فيها البقاء في البيت مقيتاً، وكانت الحاجة إلى الهرب. أستطيع أن أقول أن هناك شيء من "الداروينية" فيما يخص هذه الظاهرة. غلاف أحد الكتب الذي عنوانه "معجزات مختلفة" يوضح هذا الحالة الجمالية الفضولية. وتعلمت بالتالي أن أرتّب بيتي الشخصي الدائم والمؤقت في أماكن مثل: تورنتو، وينبيغ، اوتاوا، باريس، فانكوفر.. وفي هذه البيوت جلبت ذاكرة معلمتي"مسز سيلرز" تركتُ زاوية للقراءة مضاءة بمصابيح خفيفة تبعث على الراحة، تعطي شعوراً بالرضا، تريحني حين أكون بعيدة. أحيانا وحين أعود من السفر بالطائرة، انظر السهول والأنهار والرقع الجيولوجية، ثم التقط نظرة إلى ذلك المكان في المركز حيث الزحام. لماذا من بين كل تلك الأماكن اتجه إلى هناك، ومن ترى يعيش هناك؟ ثم تأتيني الفكرة: أنا أعيش هناك. هذا بيتي. المكان الذي قدمت منه.
ادريان كلاكسون: كندية-صينية
لا بيت لي. المكان الذي ولدت وعشت فيه مع عائلتي، أخذ مني حين احتل الجيش الياباني هونغ كونغ عام 1941. في تلك الحقبة التاريخية أضعنا بيتنا. البيت الذي ولدت فيه، البيت الذي كنا نلعب على سطوحه أنا وأخي، وحيث كنت ألعب مع الصيصان والأرانب التي كنا نصبغها بالأحمر في أيام رأس السنة، والتي كانت تصادف مع اقتراب عيد ميلادي الواقع في فبراير. لقد أضعت بيتي، وتعملت بالفطرة بعدها أن لا شيء دائم. هذا الفقد قد يصبح حالة وجودية. وكذلك هناك حرية في أن أعي أنه ليس بامكانك العودة إلى البيت بعد. وهكذا تعلمت أن أبني عشوشاً وأجواء حيث أكون.
نينو ريتشي: كندي-إيطالي
حين كنت صغيراُ كنت ممسوساً برسم البيوت. لم يكن هناك أي شيء يجذب انتباهي عدا البيوت. كلها كانت تخضع لنفس التصميم البسيط، مساحة مثلثة وشباكين، وباب ينفتح على الأرضية. أحيانا كان هناك مدخنة في إحدى الجوانب، مع دخان قد يتصاعد برتقاليا أو أخضر. هذا كان شكل البيت الذي يحتاجه الكل، يبقى فقط العمل على تحقيقه. فكرتي عن البيت تنبع لا شك من وضعنا في البيت، في بيتنا الذي كان يقع وسط المزرعة ويعيش فيه أكثر من 15 شخصا من الخالات، الأقارب، الأجداد، الوالدين...ولم استطع أن اعتبره أكثر من محطة. غادرنا البيت واحدا بعد الآخر من غير أن نرى إطلاقا أملنا محققا في ذلك البيت الحلم. ولكن عندما غادر آخرنا، ترك خلفه البيوت الفارغة، ولا من طابور ينتظر الدخول إلى التواليت، حينها باع والديّ البيت واشتريا رقعة أرض بنوا عليها بيتاً من جديد. بيتنا القديم فما يزال واقفاُ هناك، حين أزور المدينة، أسير حول البيت، لم أطلب مرة أن أدخل إليه. لا تستطيع أن تدخل البيت ثانية، لا ترتكب غلطاً. لا يوجد أحذية منزلية لدخول ذلك المكان، الماضي.
وهناك بيوت لا تستطيع أن تدخلها ثانية
جاكلين سلام-تورنتو
في هذا الكتاب الذي صدر بالانكليزية في كندا وشارك فيه 44 كاتباً كندياً نقع على فسيفساء ثمينة بمحتوياتها وتنوع مواضيعها. في هذه المقالات الشخصية نقف على رابطة وثيقة ما بين البيت والطفولة. الذاكرة تقفز إلى هناك سعيدة أو حزينة وتتمسك بذلك الرحم وتلك الرائحة وذلك الوجود الأول الذي لا يفارقنا. نقطع آلاف الأميال، نصبح عجائز ويبقى ذلك البيت واقفاً عليه ترتكز أرواحنا حين توشك العواصف أن تقتلع جذورنا. هنا القارئ مدعو لقيلولة في رحاب بيوت الكتّاب. وللكاتب حرية أن يفتح لضيفه الأدراج السرية أو يبقيها مغلقة ويكتفي بالتجوال حول حديقة البيت وملامسة الأثاث والممتلكات التي تحمل ذاكرة خاصة بحاملها. الكتابة عن البيت تأخذنا إلى رحم العلاقة ما بيننا وبين أشيائنا وأسفارنا. هناك بيوت لا يمكننا العودة إليها، هناك بيوت يوجعنا الحنين إليها، هناك بيوت تقيم فينا حتى بعد سقوطها إثر حرب أو تحديث عمراني.
أشرفت على تحرير هذه الانطولوجيا "كونستاس بروك" وطبع في كندا. المقالات تمكننا من السفر في رحاب كندا، إلى العالم. 390 صفحة من صفحات الذاكرة وعميق المشاعر والأحداث الشخصية يسطرها كتّاب لهم حضورهم المميز في ساحة الأدب الكندي.
هذه المقاطع المنتقاة للترجمة من مقالات طويلة ما هي إلا نفحة من حديقة هذا المكان. اخترنا فقرات من مقالة مارغريت أتوود الشاعرة، الناقدة، والروائية الأكثر شهرة في كندا وخارجها. إلى جوار كل من الكاتب الروائي والشاعر مايكل اونداتجي الهندي الأصول والمعروف في العالم العربي من خلال روايته وفيلم "المريض الانكليزي" ويذكر أن لاونداتجي مكانة خاصة في الساحة الكندية وحائز على جوائز مرموقة. أما أدريان كلاركسون، فهي الروائية والصحافية صينية الأصل، والتي شغلت منصب "حاكم كندا" لسنوات خلت. أما كارول شيلدز الحائزة على جائزة "بوكر" العالمية وغيرها، فقد رحلت وتركت إرثاً روائيا وقصصيا ثرياً. كما اخترنا مقاطع من مقالة الروائي الكندي الإيطالي"نينو ريتشي" الذي فاز العام بجائزة الرواية الكندية عن روايته التي تحمل عنوان"أصل الأنواع"
مارغريت اتوود: كندية
بين عامي 1936 وعام 1948 انتقل والدي عشرين مرة. أحيانا ما بين موقعين محددين. إلى المدينة في نهايات الخريف، وإلى الغابة مع بدايات الربيع، وأحيانا كان يتم الانتقال من مدينة إلى أخرى. أمي وأبي كانا من "نوفاسكوتشيا" وكان هناك بيتهم. ولكنه لم يكن بيتي. إذاّ، أين كنتُ؟
هنا وهناك، على الخط المنقط الذي شكّل دربنا. ذلك الذي يظهر خارجاً من بين الصناديق والحقائب، الذي حملناه معنا ليقوم في صيغة أخرى، في غرف أخرى، بعد رحلة طويلة غير مريحة. كنا نسير مئات الأميال والحمولة محزومة في مؤخرة السيارة.... لم يكن ممكنا الاتكاء على البيت، الركون إليه والثبات في مكان. أصبحنا تقريباً في البيت الآن، يقولون، في المطر العاصف أو في منتصف الليل، في أي مكان معتم، وذلك أفضل جزء من البيت: اللحظة التي تسبق إشعال المصباح. البيت كان المكان الذي دائما نعبره، ولا نصل إليه، لأننا نكون قد تركناه منذ أيام، أقفلنا الأبواب وأخفينا المفتاح، و بالتالي قد أصبح خلفنا. ليس فقط أنك لا تستطيع العودة إلى البيت ثانية، بل لم يكن الوصول إليه ممكنا منذ البداية...
مايكل اونداتجي: كندي-هندي
انقطعت الكهرباء عن البيت نصف اليوم وران السكون في البيت. لذلك لن يكون هناك خفقان مروحة أو همهمة ضوء. ستسمع صوت قلم الرصاص على الورقة ولاحقاً ترى ظل الشمعة الكثيف على الورقة، فيما أنت تكتب ما تبقى من كلمات. الفقرة تختصر إلى كلمة واحدة. فاصلة، ثم كلمة أخرى، مكتملة كفكرة. بالطريقة التي يحمل معها اسم شخص ما بعض فواصل شخصيته، محاطاً بكل اكتشافاتنا عنهه. أتمشى في الممر الذي قد يكون أكثر برودة من باقي أجزاء البيت. دفء في الظهيرة، دفء في عتمة الليل. وهناك نقّار الخشب الذي رأيته في الصباح عبر تلسكوبي الشخصي، بعرفه الأحمر المكتور في الأعلى، القاني كالدم. المسافة دائما أكثر وضوحاً. لم أعد أرى أي كلمة تحت ناظري. كما لو أن روحي صارت ضرساً موجوعاً. أنحني أكثر على الورقة لأقترب من الذي كان مفهوماً، ما أكتبه سوف ينزاح، وسأكون قادرا فقط على فهم الكلمات التي على مدى ذراعي. هل تستطيع روحي أن تحل في جسد نقار الخشب ذاك؟ قد تكون حرارته عالية في ضوء الشمس. قد تكون حياة محدودة...
كارول شيلدز: كندية
حين كنت في الخامسة من عمري أصابني مرض الحنين إلى البيت عندما كنت في زيارة قريبة لي ولذلك كان عليهم أن يعيدوني إلى البيت قبل الموعد المحدد لنهاية زيارتي بعدة أيام. لاحقا مرضتُ بالحنين إلى البيت حين ذهبت إلى "مخيم البنات" وانتهى بي الأمر إلى "عيادة طبية" مصابة بجرح في الحنجرة، أنا مقتنعة بأنني أصبت به جراء بؤس مغادرة البيت. في المرحلة الجامعية وعلى بعد مئات الأميال من البيت، أتذكر مسلسل البكاء الذي كنت أقع فيه حتى في وسط أكثر أوقاتي بهجة. في الغرفة الخاصة بي في السكن الجامعي المخصص للنساء، كانت الستائر وشراشف السرير تحاكي تلك التي في بيتي. وكانت الأبعاد مختلفة وغير صحيحة، وكذلك الضجة التي تثيرها. ثم أتت أيام بالطبع، أصبح فيها البقاء في البيت مقيتاً، وكانت الحاجة إلى الهرب. أستطيع أن أقول أن هناك شيء من "الداروينية" فيما يخص هذه الظاهرة. غلاف أحد الكتب الذي عنوانه "معجزات مختلفة" يوضح هذا الحالة الجمالية الفضولية. وتعلمت بالتالي أن أرتّب بيتي الشخصي الدائم والمؤقت في أماكن مثل: تورنتو، وينبيغ، اوتاوا، باريس، فانكوفر.. وفي هذه البيوت جلبت ذاكرة معلمتي"مسز سيلرز" تركتُ زاوية للقراءة مضاءة بمصابيح خفيفة تبعث على الراحة، تعطي شعوراً بالرضا، تريحني حين أكون بعيدة. أحيانا وحين أعود من السفر بالطائرة، انظر السهول والأنهار والرقع الجيولوجية، ثم التقط نظرة إلى ذلك المكان في المركز حيث الزحام. لماذا من بين كل تلك الأماكن اتجه إلى هناك، ومن ترى يعيش هناك؟ ثم تأتيني الفكرة: أنا أعيش هناك. هذا بيتي. المكان الذي قدمت منه.
ادريان كلاكسون: كندية-صينية
لا بيت لي. المكان الذي ولدت وعشت فيه مع عائلتي، أخذ مني حين احتل الجيش الياباني هونغ كونغ عام 1941. في تلك الحقبة التاريخية أضعنا بيتنا. البيت الذي ولدت فيه، البيت الذي كنا نلعب على سطوحه أنا وأخي، وحيث كنت ألعب مع الصيصان والأرانب التي كنا نصبغها بالأحمر في أيام رأس السنة، والتي كانت تصادف مع اقتراب عيد ميلادي الواقع في فبراير. لقد أضعت بيتي، وتعملت بالفطرة بعدها أن لا شيء دائم. هذا الفقد قد يصبح حالة وجودية. وكذلك هناك حرية في أن أعي أنه ليس بامكانك العودة إلى البيت بعد. وهكذا تعلمت أن أبني عشوشاً وأجواء حيث أكون.
نينو ريتشي: كندي-إيطالي
حين كنت صغيراُ كنت ممسوساً برسم البيوت. لم يكن هناك أي شيء يجذب انتباهي عدا البيوت. كلها كانت تخضع لنفس التصميم البسيط، مساحة مثلثة وشباكين، وباب ينفتح على الأرضية. أحيانا كان هناك مدخنة في إحدى الجوانب، مع دخان قد يتصاعد برتقاليا أو أخضر. هذا كان شكل البيت الذي يحتاجه الكل، يبقى فقط العمل على تحقيقه. فكرتي عن البيت تنبع لا شك من وضعنا في البيت، في بيتنا الذي كان يقع وسط المزرعة ويعيش فيه أكثر من 15 شخصا من الخالات، الأقارب، الأجداد، الوالدين...ولم استطع أن اعتبره أكثر من محطة. غادرنا البيت واحدا بعد الآخر من غير أن نرى إطلاقا أملنا محققا في ذلك البيت الحلم. ولكن عندما غادر آخرنا، ترك خلفه البيوت الفارغة، ولا من طابور ينتظر الدخول إلى التواليت، حينها باع والديّ البيت واشتريا رقعة أرض بنوا عليها بيتاً من جديد. بيتنا القديم فما يزال واقفاُ هناك، حين أزور المدينة، أسير حول البيت، لم أطلب مرة أن أدخل إليه. لا تستطيع أن تدخل البيت ثانية، لا ترتكب غلطاً. لا يوجد أحذية منزلية لدخول ذلك المكان، الماضي.
تعليقات
Because of scouting through the world-wide-web and meeting proposals
that were not pleasant, I assumed my life was well over.
Living without the presence of solutions to the issues you have solved by
means of this article content is a serious case, as well as
ones that would have badly affected my career if I had not encountered your site.
Your expertise and kindness in controlling the whole
thing was priceless. I don't know what I would've done if
I hadn't come upon such a thing like this. I can at this point look ahead to my future.
Thanks very much for this skilled and results-oriented help.
I won't be reluctant to refer the blog to any person who wants and needs counselling about this area.
Here is my webpage: interesting news