تأبين الكاتب المسرحي العراقي كريم جثير
مقتطف من كلمة عن رحيل الصديق المسرحي العراقي كريم جثير
( توفي في العراق / تموز 2005 بعد مغاردته كندا )
ذهب كريم جثير غلى نهاية العالم
......
......
- ما هذه الحقيبة يا كريم؟
- أنها أنا، هذه الحقيبة هي كريم جثير! أنا لاشيء خارج هذه الحقيبة.
فيها كل أرشيفي، قصاصات الصحف والمجلات والمواد التي نشرتها في الصحافة العربية، كل ما كتبته وما كتبه الأصدقاء عني، فيها رسائل شخصية من أصدقاء في العراق وسوريا واليمن وأصدقاء عراقيون في الخارج...
فتحتَ الحقيبة وأخرجت بعض الرسائل وبعض الشهادات التي تصب في مجرى نقاشنا عن الوطن والطاغية البائد، عن المنفى الطقس والمجتمع، وعن تجربتك في المسرح في اليمن وفي تورنتو. وحدثتك عن جانب من تجربتي مع بعض العراقيين هنا من شعراء وجمعيات مدنية وسياسية.. وعن آخر الكتب التي استعرتها أو قرأتها. وعن عراقي آخر طرق بابي يوماً وأراد أن يأتمني على حقيبته قبل العودة إلى العراق...وحين سألته ماذا في الحقيبة؟ ضحك ساخراً كعادته وأجاب" لاشيء سوى وطن موقوت"
- يشعل سيكارته وينظر بعيدا: لا مسرح عربي هنا، لاحياة لي هنا، أنتِ ماذ تفعلين هنا؟
- يااااه يا كريم، هذه حكاية أخرى، ولكن هل كنت تحتفط بكل شيء!
- تصوري رغم ما تشكله بالنسبة لي من هاجس وتاريخ وحقائق، فهي لا شيء بالنسبة للكنديين، ليست مكتوبة بلغتهم...لسنا مكتوبين بلغتهم(يبتسم بمرارة وحزن)
- ولكنني يا كريم لا أملك حتى هذه الحقيبة، أكتب وأنشر وقلما تصلني جريدة أو مجلة أو قصاصة. أكثر من مرة رجوت أصحاب المجلات وأعطيتهم عنواني، وعدوني خيراً ولم أتلقَ الخير بعد- يلعن أبوهم...
- انتِ ترددين كثيرا كلمة "يلعن ابوهم" وكان يتصفح بعض الأوراق المصفرة وصور شخصية..وقرأ لي فقرات من رسائل شخصة لمثقفين كان يتواصل معهم...
- هذه حقيبة حزينة أقفلها أرجوك، وأرجوك أيضاً أن تغير السي دي العراقي الحزين، لقد نسخت لك بعض موسيقى المبدع السوري "عابد عازرية"
أشعل كريم سيكارته محلقاً مع اللحن والمقاطع المغناة من محلمة كلكامش، وبعض القصائد الصوفية..
نحن الآن نصغي ويترنح صديقنا وهو في طريقه إلى نهاية العالم.
ذهب كريم ولم يعد ليأخذ الكتب التي استعرتها من مكتبته: عالم صوفي/ابن قيم الجوزية/ملحمة آل ماركس للكاتب الإيطالي خوان كويتيسولو.
- ولكن هل يوجد "آل ماركس" يا كريم؟!
- نعم يوجد كل شيء، اقرأيها ونحكي لاحقاً
- سنلتقي يا صديقي في ذلك المقهى العالي ونكتب النص المشترك، مافاتنا من المسرحية- الحياة.
كريم باي الآن...
( الكلمة التي القتها الشاعرة في مجلس تأبين المبدع المسرحي الراحل "كريم جثير" الذي أقامته الجميعة العراقية الكندية وأصدقاء كريم من الشعراء والمسرحيين والفنانين في تورنتو واوتاوا والجوار، وذلك في صالة الاتحاد العربي الكندي، يوم 30 تموز 2005، وبحضور جمع كبير من أفراد الجالية)
تعليقات